اعلموا أن الناسَ افترقوا في ‏مسألةِ صفاتِ الله تعالى فِرقًا عدة،

Arabic Text By Jun 22, 2017

اعلموا  أن الناسَ افترقوا في ‏مسألةِ صفاتِ الله تعالى فِرقًا عدة، فمنهم:‏

الفرقة الناجية التي أثبتتِ الصفاتِ معَ التنزيهِ عن ‏مشابهةِ الخلقِ وهم أهلُ السنةِ والجماعةِ. هؤلاء ‏أثبتوا لله ما أثبتَ لنفسِهِ مع تنزيهِهِ تعالى عن أن ‏تكونَ صفاتُهُ من لوازِمِ الجسميةِ كالجلوسِ ‏والانتقالِ والتحيزِ في جهةٍ من الجهاتِ والتغيرِ ‏والتطورِ وسائرِ أماراتِ الحدوثِ وعلامات ‏المخلوقية. قالوا موجود بلا كيف ولا مكان ليس ‏كمثله شيء.‏

وفرقة ضالة عطّلتِ الصفاتِ وهم المعتزلةُ ويقال ‏لهمُ القدريةُ، هؤلاء أنكروا أن يكون الله متصفاً ‏بصفاتٍ تقومُ بالذاتِ، فسمُّوا لذلكَ معطلةً لأنهم ‏عطلوا الصفات أي نفوها، قالوا عالم بلا علم، حيّ ‏بلا حياة وهذا ضلال لأنه تكذيب لكتاب الله ‏وتناقض من حيث الواقع.‏

وفرقة أخرى ضالة جعلوا صفاتِ الله من لوازمِ ‏الجسميةِ أثبتوا للذاتِ المقدسِ سبحانه الحركةَ ‏والسكونَ والتنقلَ وغيرَ ذلك من أماراتِ الحدوثِ، ‏كقولِهِم إن كلامَ الله أصواتٌ وحروفٌ توجدُ ثم ‏تنقضي ثم تعودُ ثم تنقضِي ثم تعودُ ثم تنقضِي، ‏وهؤلاءِ يسمَّونَ مشبهةً ومجسمةً.‏

كلام الله‎ ‎تعالى صفته أزلي أبدي ليس صوتاً ولا ‏حرفاً ولا لغة عربية ولا غيرها من اللغات، ولا ‏هو مبتدأ ولا مختتم ولا متعاقب. الله منزّه عن ‏مشابهة المخلوقات بأيّ وجه من الوجوه، وهذا من ‏نفائس الاسلام.‏

ومن هؤلاءِ قسمٌ يصرّحونَ بتسميةِ الله جسمًا، ثم ‏يقولونَ نحن لا نعني بقولنا إنه جسمٌ أَنه جِرمٌ إنما ‏نعني أنه موجودٌ قائمٌ، وهذا ضلال لأن معنى ‏الجسم يستحيل على الله ولم يرد لغة ولا شرعاً بما ‏أرادوا فبطل كلامهم، قاله الامام احمد.‏

وقسمٌ يتحاشونَ أن يطلقوا عليه لفظَ الجسمِ مع ‏اعتقادِ معناه، ومن هؤلاء الكراميَّةُ وهم مشبهةٌ ‏مجسمةٌ ينتسبونَ إلى رجلٍ يقال له محمد بن كرام ‏ويقالُ لهؤلاءِ حشويةٌ.‏

وأما أهلُ السنةِ الوسطُ بين ذينِكَ الفريقينِ فهم لقّبوا ‏الأشعريةَ والماتريديةَ لأنهم اتَّبَعُوا إمامي الهدى ‏أبا الحسن الأشعري وأبا منصورٍ الماتريديَّ وكانا ‏من أئمة السلف الصالح رضي الله عنهم.‏

ويتميزُ هؤلاءِ عن المعطلةِ والمشبهةِ بكونِهِم ‏يثبتونَ لله تعالى الصفاتِ الواجبة له سبحانه وهي ‏العلمُ والقدرةُ والإرادةُ والسمعُ والبصرُ والكلامُ ‏والحياةُ والمخالفةُ للحوادثِ والقيامُ بالنفسِ والوجودُ ‏والوحدانيةُ والأزلية والبقاء، مع تنزيهِ الله تعالى ‏عن صفاتِ الحدوثِ بقولِهِم في هذه الصفاتِ إنها ‏أزليةٌ أبديةٌ.‏

وكذلك هم يؤوّلونَ آياتِ وأحاديث من المتشابِه ‏بتركِ حملِها على الظواهِر، فمنهم من يؤولُ تأويلا ‏إجماليًّا يقولون بلا كيف، ومنهم مَن يؤولُ تأويلا ‏تفصيليًّا بتعيين معان تحتملها اللغة ويقبلها الشرع، ‏ويَرونَ كلا الأمرينِ حقًّا وصوابًا