ولا تَجعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا ولا تَجعَلِ الدُّنيا أَكبَرَ همِّنا

Arabic Text By Aug 16, 2010

 

ولا تَجعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا ولا تَجعَلِ الدُّنيا أَكبَرَ همِّنا

 

     الحمد لله ربّ العالمين وصلوات الله وسلامه على سيد المرسلين إمام المتقين وخاتم النبيين محمد وعلى إخوانه النبيين. أما بعدُ فإنّ المصِيبَةَ في المالِ والمصِيبةَ في الجِسمِ الله تباركَ وتَعالى يُعوِّض المؤمنَ بها الثوابَ وتَكفِيرَ السّيئاتِ ورَفْعَ الدّرجَاتِ. أمّا المصيبةُ في الدِّين فتُوجِبُ لصَاحِبها الهلاكَ في الآخِرةِ لذَلكَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في دُعَاءٍ كانَ يَدعُو بهِ “وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنَا“. فالمصيبَةُ في الدُّنيا معَ سَلامَةِ الدِّينِ يَستَفِيدُ بها المسلمُ تكفيرَ السّئيةِ ورفعَ الدّرجَةِ، وأمّا المصِيبَةُ في الدِّينِ فيَخسَرُ بها الإنسانُ. مَثلا: مَرِضَ فتَركَ الصّلاةَ أو سَافَر فتَركَ الصّلاةَ، مِن أَجْلِ خَاطِر إنسانٍ ارتَكَب مَعصِيةً مِنَ المعَاصِي، هذِهِ مصِيبَةٌ في الدِّينِ وأَعظَمُ مُصِيبةٍ في الدِّينِ هوَ الكُفرُ. إذا غَضِبَ إنسَانٌ فسَبَّ اللهَ هَذا خَسِرَ كُلَّ حَسناتِه التي قَدّمَها، وأيُّ مُصِيبَةٍ أَعظَمَ مِن هَذا؟! ثم إنْ ماتَ قَبلَ أَن يَرجِعَ إلى الإسلام فقَدِ استَوجَبَ الخُلودَ في نَارِ جهَنّمَ. أمّا المصِيبَةُ في الدنيا فهِيَ أن يُبتَلى المسلِمُ في جِسمِه أو مَالِه، مَرض في جِسمه أو بتَلفٍ في مالِه ولا تخرجُه هذِه المصِيبَةُ عن طَاعةِ اللهِ تَعالى، أي لا يَترُك فَرضًا مِنَ الفَرائضِ مِن أَجلِ هَذِه المصِيبةِ ولا يتسَخّطُ على ربِّهِ فيَسُبُّ ربَّه، بل يُقابِلُ هذِه المصِيبَةَ بالاستِسلامِ والتّسلِيمِ للهِ تَعالى، يُقابِلُ هذِه المصِيبَةَ بالتّسلِيمِ للهِ تَعالى أي تَركِ الاعتِراضِ على الله تعالى. فالمصِيبَةُ في الجِسم أو المالِ إذا لم يَعصِ ربَّهُ بسَببِ هذه المصيبةِ فهيَ فائدةٌ لهُ في آخِرتِه، لأنّها تُكفِّر عنهُ سيئاتٍ وتَرفَعُ لهُ دَرجَات. لذلكَ أكثَرُ الناسِ بلاءً في الدُّنيا الأنبياءُ ثم الأمثَلُ فالأمثَلُ أي على حَسَب ما يكونُ عندَ الله تبارك وتعالى المؤمنُ دَرجَته عَالية فيكثُر بلاؤه في الدنيا. فمَنْ نظَرَ في تاريخِ الأنبياءِ عَلِمَ ذلكَ يَقِينًا.

 

 وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم“اللَّهُمّ اقسِمْ لَنا مِن خَشيَتِكَ مَا تَحُولُ بهِ بَينَنا وبَينَ مَعاصِيْكَ ومِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنا بهِ جَنّتَك ومِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بهِ عَلَينَا مَصائِبَ الدُّنيا،اللَّهُمَّ مَتِّعنَا بأَسمَاعِنَا وأَبصَارِنا وقُوّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا واجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنّا واجْعَلْ ثَأرَنَا علَى مَنْ ظَلَمَنا وانصُرْنَا عَلى مَن عَادَانا ولا تَجعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا ولا تَجعَلِ الدُّنيا أَكبَرَ همِّنا ولا مَبلَغ عِلمِنا ولا تُسَلِّطْ عَلينَا مَن لا يَرحَمُنَا“رواه النسائي والترمذي والحاكم غيرهم.

وكان ابْنُ عمر يقول : ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقومُ من مجلسٍ حتى يَدْعُوَ بهؤلاءِ الدَّعوَاتِ لأصحابه.