قالَ الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} المعنى أنّ اللهَ أنزَل القرآنَ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ أي فِي لَيْلَةِ القَدْر، هو القرآنُ كانَ في اللَّوْحِ المحفُوظِ، كانَ في الذّكْرِ أيِ اللَّوْحِ المحفُوظِ، ثم بَعدَ أنْ تمَّ لسَيِّدِنا محمَّد مِنَ العُمر أربَعونَ سنَةً أنزَلَ اللهُ تعالى أيْ أمَرَ جبريلَ بأَن يُنْزِلَ القرآنَ جُمْلَةً واحِدَةً إلى السّماءِ الدُّنيا إلى بيتِ العِزَّةِ. كانت تلكَ اللّيلةُ ليلةَ أربعٍ وعِشرين. ثُمَّ فِي نَهار تلك الليلةِ نزَل جبريلُ على رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم بخَمْسِ آياتٍ فقَطْ لا أكْثَر، وترَك البقيّةَ هناك فِي المكَانِ الذي يُسَمَّى بَيْتَ العِزّةِ، وهذه الآياتُ الخَمسُ هي التي فِي سُورةِ اقرأ، خمسُ آياتٍ مِن أوّل سورة اقرأ، هذه أنزلها جبريلُ بأمرِ الله على سيّدنا محمَّدٍ، وهذا أوّلَ ما بَدأ نزولُ القُرآن على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم. وكانت ليلةُ القَدر فِي تلك السّنَة صادَفَت ليلةَ أربَعٍ وعِشرين، لم تُصادف ليلةَ سَبعٍ وعشرين. هذَا معنى قولِ الله تَعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)}، معنى الآيةِ أنّ اللهَ تبارك وتَعالى أنزَل القُرآنَ مِن اللَّوْحِ المحفُوظِ إلى السّماء الدُّنيا دفعةً واحدة، بعدَ ذلكَ جِبريل كانَ يأخُذ مِن القُرآن على حسَب الأمْرِ الرّبّانِيّ، يَأخُذ القَدْر الذي يَأمرُه الله تَعالى بأن يقرأهُ على سيّدِنا محمَّد، يَأخذُه مِن بَيْتِ العِزّة ويَنزل به على الرَّسولِ فيَقرأه عليه حتّى تمّ نُزولُ القُرآنِ فِي ظَرف عِشرينَ سَنَةً وزيادة