تفسير الآية: “فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم” [الصف، 5]

Arabic Text By Feb 09, 2017


سؤال: ما هو تفسير الآية: “فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم” [الصف، 5]؟

الجواب: ليُعلم أولاً أن الله تعالى هو خالق كل شىء، سواء في ذلك أفعال العباد أو أجسامهم وسائر صفاتهم، بل وسائر المخلوقات كلها ‏بلا استثناء. كل شىء بقدر، أي بتقدير الله تعالى وبعلمه سبحانه. والآية المسؤول عنها ليست حجة لمن قال إن إرادة الله تابعة لمشيئة ‏العباد، بل هذا فساد كبير. الله تعالى قال: “وما تشاؤون إلا أن يشاء الله” (الإنسان، 30)، فهذه الآية معناها أن مشيئة الله تعالى هي الغالبة لمشيئة ‏العباد، فمن جعل مشيئة الله تابعة لمشيئة المخلوقات فهو ضال.‏

وليس في آية سورة الصف المتقدمة الذكر أن الكفار خلقوا الزيغ في أنفسهم، بل فيها إخبار بحصول الزيغ منهم وذلك حصل منهم بتقدير الله تعالى بدليل الآيات والأحاديث ‏المتعددة التي تفيد أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. فمن فهم من آية سورة الصف أن الكافر يخلق زيغ نفسه وجعل مشيئة الله تابعة لمشيئة الكفار ‏فهذا كفر من وجوه متعددة.‏

قال الإمام الرازي في تفسيره: “ولا يبعد أن يقال إن الله تعالى يزيغهم ابتداء فعند ذلك يزيغون، ثم يترتب على هذا الزيغ إزاغة أخرى ‏سوى الأولى من الله تعالى وكل ذلك لا منافاة فيه” يريد أن ذلك الزيغ بخلق الله تعالى وحده لا شريك له.‏

وقال النسفي: “فلما زاغوا” مالوا عن الحق، أزاغ الله قلوبهم من الهداية؛ أو لما تركوا أوامره نزع نور الإيمان من قلوبهم؛ أو فلما ‏اختاروا الزيغ أزاغ الله قلوبهم أي خذلهم وحرمهم توفيق اتباع الحق”.‏

وقال القرطبي: “فلما زاغوا” أي مالوا عن الحق “أزاغ الله قلوبهم” أي أمالها عن الهدى. وقيل: فلما زاغوا عن الطاعة أزاغ الله قلوبهم ‏عن الهداية. وقيل: فلما زاغوا عن الإيمان أزاغ الله قلوبهم عن الثواب. وقيل: أي لما تركوا ما أمروا به من احترام الرسول عليه السلام ‏وطاعة الرب، خلق الله الضلالة في قلوبهم عقوبة لهم على فعلهم”. وكلام أئمة العلم كله في ذلك وما أشبهه أن الله تعالى هو الخالق وما ‏سواه سبحانه مخلوق. قال الله تعالى: “قل الله خالق كل شىء” (الرعد، 16).‏