0 Comments 8:46 pm


إن قول أهلِ الحقّ أهل السنة والجماعة إنَّ الله منـزَّهٌ عن الحدّ معناه أن الله منزه عن كونه جسماً أو صفة للجسم، لأنَّ الله لو كان جوهرًا ‏فَردًا (وهو ما يُركّب منه الجسم) لكانَ الجوهرُ الفردُ مِثلاً له، ولو كانَ زائِدًا على ذلك إلى حَدّ أكبرِ الأجسامِ وهو العرشُ أو أَزيَدَ إلى ‏قَدر يتناهَى أو إلى قَدرٍ يُفتَرَضُ أنه لا يَتَنَاهَى، لَلَزِمَ كونُه تعالى مؤلفًا أي مركَّبًا (وهذا مستحيل على الله)، والمؤلَّفُ (بفتح اللام) يحتاجُ ‏إلى المؤلّفِ (بكسر اللام)، والمحتاجُ إلى غيرِهِ حادِثٌ لا بُدَّ، وهذا قولُ عليّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنهُ: “مَن زَعَمَ أن إلهنَا محدودٌ فقد ‏جَهِلَ الخالقَ المعبودَ” رواه أبو نُعَيم وغيره، وهو قولُ عليّ بن الحسينِ المعروف بزين العابدين: “إنَّ الله ليسَ بمحدودٍ” رواه بالإسنادِ ‏المتَّصلِ الحافظ محمد مرتضى الزَّبيدِيُّ في إتحافِ السادةِ المتقينَ، وهو كذلك قولُ الإمام الطحاويّ: “تعالى (أي تنزّه الله) عن الحدودِ” ‏وهذا من نفائس الاسلام. ولأجل ما قدمنا قال علماء أهل السنة إنه يستحيل على الله أن يكونَ متَّصلا بالعالَمِ أو حالاً فيه أو مبايِنًا له ‏بالمَسافةِ، وهذا هو الحقُّ الذي لا يَصِحُّ غيرُهُ، وذلك لأنَّ المخلوقاتِ إما أن تكونَ متَّصِلَةً ببعضِها أو منفصلةً بعضُها عن بعضٍ، وكِلا ‏الوجهينِ مستحيلٌ وصفُ الله بهِ، لأن وصف الله بذلك يَلزمُ منه إثباتُ المِثلِ لله، والله تبارك وتعالى نفَى عن نفسِهِ المثلَ على الإطلاقِ ‏بقوله سبحانه: “ليس كمثله شىء”.

Related Posts