0 Comments 9:02 pm


عجيب أمر هؤلاء الوهابية، إذا أرادوا شتم شخص قالوا له “يا أشعري” وهذا مشهور معروف، ثم بعد ذلك ‏يقولون الأشعري كان مجسماً مثلنا – أي مثلهم – والعياذ بالله من هذا الخزي والتناقض.‏

كذبُهم فضحهم، فالأشعري إمام أهل السنة والجماعة لم يكن يوماً على عقيدة التجسيم والتشبيه رحمه الله، وهو ‏رضي الله عنه: أبو الحسن عليّ بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى ‏بن بلال بن أبي بُردَة عامر ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي موسى الأشعري‎.‎‏ ولد رحمه الله سنة ستين ومائتين ‏بالبصرة، وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، في بغداد‎.‎

كان أبو الحسن الأشعريّ سنيًّا من بيت سنّة ثم درسَ الاعتزالَ على زوج أمه أبي عليّ الجُبّائي ثم تاب ورقيَ ‏كرسيًّا في المسجد الجامع بالبصرةِ يوم الجمعة ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني ‏فإنّي أعرّفه بنفسي، أنا فلان بن فلان.. وأنا تائب مقلع، معتقد للردّ على المعتزلة مخرج لفضائحهم ‏ومعايبهم‎. ‎قال الفقيه أبو بكر الصَّيرفي‎: ‎كانت المعتزلة قد رفعوا رءوسهم حتى نشأ الأشعري فحجزهم في ‏أقماع السَّماسم‎.

وقد استفاد من الأشعري خلق كثير من أكابر العلماء وفحول الأئمة فتأدبوا بآدابه وسلكوا مسلكه في الأصول ‏واتبعوا طريقته في الذب عن الدين ونصرة أهل السنة، إذ كان فضل المقتدي يدل على فضل المقتدى به، وهم ‏من أعيان الأئمة ومشاهير القوم وقد ذكرهم مؤرخ الشام وحافظها أبو القاسم ابن عساكر في كتابه الذي ألفه ‏في الدفاع عن الشيخ أبي الحسن الأشعري مع ذكر مناقبه ومؤلفاته وثناء الأمة عليه، يدلّ ذلك على كذب ما ‏ادعته الوهابية من أن الإمام الأشعري كان على طريقتهم والعياذ بالله، فكل من مارس شيئاً من العلم يعرف أن ‏علماء الأشاعرة الأكابر كالجويني والحليمي والبيهقي كانوا على التنزيه لله عز وجل، على عكس الوهابية ‏المشبهة لله بخلقه.‏

وقد أفرد قاضي القضاة الشيخ تاج الدين ابن الإمام قاضي القضاة تقي الدين السبكي فصلاً خاصًّا بذكر أكابر ‏المنتسبين إلى الشيخ أبي الحسن في أثناء ترجمته في كتابه طبقات الشافعية. وقد افتتح ترجمته بقوله: “شيخنا ‏وقدوتنا إلى الله تعالى الشيخ أبو الحسن الأشعري البصري شيخ طريقة أهل السنة والجماعة وإمام المتكلمين، ‏وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين، والساعي في حفظ عقائد المسلمين سعيًا يبقى أثره إلى يوم يقوم ‏الناس لرب العالمين، إمام حبر، وتقي برّ، حمى جناب الشرع من الحديث المفترى، وقام في نصرة ملة ‏الإسلام فنصرها نصرًا مؤزرًا، وما برح يدلج ويسير وينهض بساعد التشمير حتى نقَّى الصدور من الشُّبه ‏كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، ووقى بأنوار اليقين من الوقوع في ورطات ما التبس فلم يترك مقالاً لقائل ‏وأزاح الأباطيل، والحقُّ يدفع تُرَّهاتِ الباطل‎”‎‏.‏‎

وقال الأستاذ أبو اسحاق الإسفراييني “كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الباهلي كقطرة في جنب بحر”، ‏وسمعت الباهلي يقول “كنت في جنب الأشعري كقطرة في جنب البحر”، وقال لسان الأمة القاضي أبو بكر ‏الباقلاني “أفضل أحوالي أن أفهم كلام أبي الحسن”.‏

وقال كذلك أي التاج السبكي في طبقات الشافعية أثناء ترجمة الإمام الأشعري ما نصه: “ذكر بيان أن طريقة ‏الشيخ – يعني الأشعري – هي التي عليها المعتبرون من علماء الإسلام والمتميزون من المذاهب الأربعة في ‏معرفة الحلال والحرام، والقائمون بنصرة دين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. قدمنا في تضاعيف ‏الكلام ما يدل على ذلك، وحكينا لك مقالة الشيخ ابن عبد السلام ومن سبقه إلى مثلها، وتلاه على قولها حيث ‏ذكروا أن المالكية والشافعية والحنفية وفضلاء الحنابلة أشعريون، هذه عبارة ابن عبد السلام شيخ الشافعية، ‏وابن الحاجب شيخ المالكية، والحصيري شيخ الحنفية، ومن كلام ابن عساكر حافظ هذه الأمة الثقة الثبت: هل ‏من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق للأشعري ومنتسب له وراض بحميد سعيه في دين الله، مثنٍ ‏بكثرة العلم عليه غير شرذمة قليلة تضمر التشبيه (انظر إلى قوله تضمر التشبيه)، وتعادي كل موحد يعتقد ‏التنزيه، أو تضاهي قول المعتزلة في ذمه، وتباهي بإظهار جهلها بقدر سعة علمه‎.‎ا.هـ.‏

قال مرتضى الزبيدي رحمه الله في الإتحاف ما نصه: إذا أطلق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة ‏والماتريدية.ا.هـ.‏

وهذا الكلام الموجز يكفي العاقل الفهيم، وأما المعاند فلا يكفيه أضعاف أضعافه والحمدلله على ما أنعم ظاهره ‏وباطنه. وأما الطاعن في الأشعرية والأشعرية أكثر الأمة وجلّ علمائها ومعهم كثير من علماء الحنفية ‏الماتريدية رحمهم الله، فلزيغ في قلبه وضغينة على أهل السنة نصرهم الله تعالى

Related Posts