0 Comments 12:30 am

دفاعاً عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه،

الحمد لله تعالى وبعد، فقد مدح الله تعالى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ومدح ‏النبيّ صلى الله عليه وسلم خصوصاً سيّدي هذه الأمة أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.‏

ومن أوصاف سيدنا عمر رضي الله عنه خصوصاً أن الله تعالى جعل الحق على لسانه وقلبه، ‏رواه أحمد وغيره، ومن أوصافه كذلك أنه الفاروق، سماه به النبيّ صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن ‏عساكر، وذلك لأنه كان يفرق بين الحق والباطل.‏

وبعض المبتدعة يتهمون سيدنا عمر بأنه كان جباناً يخاف المشركين، وهذا خلاف المعروف ‏المشهور من سيرته رضي الله عنه ونصرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودفاعه عن المستضعفين من ‏المسلمين الأوائل، وتشهد لذلك الفتوحات التي قام بها في عهده في شرق البلاد وغربها.‏

وما يذكره أولئك المبتدعة من بعض الروايات بشأن يوم حنين وفيها عن أبي قتادة رضي ‏الله عنه: “وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِى النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ مَا ‏شَأْنُ النَّاسِ قَالَ أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.. إلى آخر ‏الحديث.. رواه البخاري.‏

فقول أبي قتادة: “فإذا بعمر بن الخطاب في الناس” أي واقف في الناس، وهذا محمول على ‏أن عمر رضي الله عنه يقف وقفة الثابت، لأنه إذا كان ابو قتادة منهزماً هو وبعض ‏المسلمين فما فائدة سؤال ابي قتادة سيدنا عمر عن انهزام الآخرين ما دام هو وعمر ‏منهزمين معاً على زعمهم؟! ‏

ولذلك تحمل عبارة فإذا بعمر بن الخطاب (في الناس) على انه كان (في الناس)‏‎ ‎يحض ‏المنهزمين على الثبات والرجوع فلذلك نجد انهم رجعوا (ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‎ ‎‏) كما جاء في الحديث، ثم كما هو معروف في الحروب هناك كر وفر. ‏

ويؤيد ما ذكرناه قول الراوي بعدها: “ثم تراجع الناس إلى رسول الله”. ‏

وانظر إلى سؤال أبي قتادة لعمر فإنه قال له: “ما شأن الناس؟”، فقال عمر رضي الله عنه: ‏‏”أمر الله” يريد أن تقدير الله نافذ، فلم يفته وهو في هذا الموقف بيان ان كل شيء بتقدير الله ‏وإرادته، إذ يبعد أن يريد أن الفرار بأمر الله بمعنى أن المسلمين مأمورون بالفرار.‏

وما ذكرناه توضحه كذلك رواية الطبري في تاريخه قال: فانطلق الناس إلا أنه قد بقي مع ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته.‏‎ ‎وممن ثبت معه من المهاجرين أبو ‏بكر وعمر، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل، ‏وبعض غيرهم من الصحابة الكرام رضي الله عنهم.‏

ثم لنقرأ الآية القرآنية التي نزلت في حنين‎ في سورة التوبة: “لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ ‏كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الأرضُ بِمَا رَحُبَتْ ‏ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ ‏تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ ‏يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ”.‏

فهل تدل هذه الآية على أن الله نصر قوماً باؤوا بغضب الله ومأواهم جهنم!، وهل ينزل الله ‏سكينته على من باؤوا بغضبه وكان مأواهم جهنم!.‏

وعلى أي حال فالكلام في مثل سيدنا عمر رضي الله عنه والطعن فيه مردود لا يُـقبل ولا ‏سيما أن ما قدمه لأمة الإسلام متواتر مشهور يعرفه القاصي والداني، فالطاعن في عمر ‏رضي الله عنه من حيث الحقيقة طاعن في نفسه، والحمد لله تعالى.‏

وفق الله كاتبها وناشرها وختم لنا بخير، ءامين

قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان‎.‎