وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى

Arabic Text By Sep 13, 2010

وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى

تبشير الملائكة لإبراهيم 

 

يقولُ الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ {69} فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ {70} وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحـٰقَ وَمِن وَرَاء إِسْحـٰقَ يَعْقُوبَ {71} قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ءأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ {72} قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ {73}[1].

 

أخبرَنا الله سبحانهُ وتعالَى بأنه أرسلَ ملائكَةً إلَى سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السَّلام وهم جبريلُ وميكائيلُ وإسرافيل، أو جِبريلُ معَ أحدَ عشَرَ مَلَكًا وبشَّروهُ بالولَدِ وقالوا: ﴿سَلاَمًا﴾ أي سَلَّمنا عليكَ سلامًا، ﴿قَالَ سَلاَمٌ﴾ أي أمرُكُم سلام، ﴿فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ﴾ أي عَجَّلَ بإحضَارِ عِجلٍ وهو ولدُ البقرةِ وكانَ مالُ إبراهيمَ البقَر، ﴿حَنِيذٍ﴾ أي مشوِيٍّ بالحِجارَةِ المحمّاة.

 

﴿فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ﴾ أي أنكرَ ما حصَلَ منهم مِنْ عَدَمِ الأكل، وكانت عادَتُهُم أنه إذا مَسَّ مَنْ يطرُقُهُم طعامَهم أمِنُوه وإلا خافوه، والظَّاهِرُ بأنه أحَسَّ بأنهم ملائكة ونكِرَهم لأنه تخوّفَ أن يكونَ نزولُهُم لأمرٍ أنكرَهُ اللهُ عليه أو لتعذيبِ قومِهِ، دليلُهُ قولُهُ: ﴿وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً﴾ أي أضمَرَ منهُم خوفًا ﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾ أي أُرسِلنا إليهم بالعَذاب، وإنما قالوا ﴿لاَ تَخَفْ﴾ لأنهم رأوا أثرَ الخوفِ والتغيُّرَ في وجههِ.

 

﴿وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ﴾ وراءَ السِّتر تسمَعُ تَحاورَهم أو على رؤوسِهم تَخدِمُهُم ﴿فَضَحِكَتْ﴾ سرورًا بزوالِ الخِيفَةِ أو بِهَلاكِ أهلِ الخبائثِ، أو مِنْ غَفلَةِ قومِ لوطٍ مع قُربِ العذاب، أو فحَاضَت ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحـٰقَ﴾ وخُصَّت بالبِشَارَةِ لأنَّ النّساءَ أعظَمُ سرورًا بالوَلَدِ مِنَ الرّجال، ولأنه لم يكن لها ولد وكانَ لإبراهيمَ ولدٌ وهو إسماعيل، أو يُقالُ هو مِنْ بابِ التقديمِ والتأخير والمعنى فبشَّرناها فضَحِكت، ومِنْ بَعدِهِ: ﴿إِسْحـٰقَ﴾ أي فبشَّرناها بإسحاق ووهبنا له ﴿يَعْقُوبَ﴾ مِنْ وراءِ إسحاق.

 

﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى ءأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ﴾ ابنةُ تسعينَ سنَة ﴿وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾ ابنَ مائةٍ وعشرينَ سنَة ﴿إِنَّ هَذَا لَشَىْءٌ عَجِيبٌ﴾ أي أنْ يُولَدَ ولَدٌ مِنْ هَرِمَين وهو استِبعَادٌ مِنْ حيثُ العادة، ﴿قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ﴾ أي قُدرَتِهِ وحِكمَتِهِ، وإنما أنكَرَت الملائكةُ تَعَجُّبَهَا لأنها كـانت في بيتِ الآياتِ ومَهبِطِ المعجِزات والأمورِ الخارِقَةِ للعادات فكانَ عليها أنْ تتوقَّرَ ولا يَزدَهِيها ما يَزدَهي سائرَ النّساءِ الناشئات في غيرِ بيتِ النبوّة وأنْ تُسبّحَ اللهَ وتُمَجّدَهُ مكانَ التعجُّب، وإلى ذلكَ أشارَت الملائكةُ حيثُ قالوا: ﴿رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ أرادوا أنَّ هذهِ وأمثالَها مِمّا يُكرِمُكُم به ربُّ العِزَّةِ ويَخُصُّكم بالإنعامِ بهِ يا أهلَ بيتِ النبوّةِ فلستِ بِمكانٍ عجيب كأنه قيلَ إيـَّاكِ والتعَجُّب لأنَّ أمثالَ هذهِ الرّحمةِ والبركةِ مُتكاثِرَةٌ مِنَ اللهِ عليكم، ﴿إِنَّهُ حَمِيدٌ﴾ أي مَحمودٌ بتعجيلِ النِّعَم، ﴿مَّجِيدٌ﴾ ظاهِرُ الكَرَمِ بتأجيلِ النِّقَم.

 



[1] – سورة هود.