وكلِمَتُه ألقَاهَا إلى مَريم أي أنّ المسيحَ بِشَارةُ اللهِ لمريم

Arabic Text By Sep 13, 2010

وكلِمَتُه ألقَاهَا إلى مَريم أي أنّ المسيحَ بِشَارةُ اللهِ لمريم

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:َ”مَن شَهِدَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لهُ وأنّ محمّدًا عَبدُه ورسُولُه وأنّ عِيسَى عبدُ اللهِ ورسُولُه وكلِمَتُه ألقَاها إلى مَريمَ ورُوحٌ مِنهُ والجنّةَ حَقٌّ والنّارَ حَقٌّ أَدخلَهُ اللهُ الجَنّةَ على مَا كانَ مِنَ العَملِ“رواه البخاري ومسلم.

هذا الحديثُ الصّحيحُ اتّفقَ على إخراجِه البُخاري ومسلم في كِتابَيهِما المعروفَين بينَ الأمّةِ الإسلاميّة،ومعناه يتضَمّنُ أنّ الإنسانَ إذا ماتَ وهوَ يَشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وتجنَّبَ عِبادةَ غَيرِه وأنّ محمّدًا عبدُه ورسُولُه،ويَشهدُ أنّ عِيسَى عبدُ اللهِ ورسُولُه وكلِمَتُه ألقَاهَا إلى مَريم أي أنّ المسيحَ بِشَارةُ اللهِ لمريم التي بشّرتها بها الملائكةُ بأَمرِه قَبلَ أن تَحمِلَ به،فإنّ الملَكَ جِبريل بشّرَها به فقالَ أنا رسولٌ مِنَ اللهِ لأعطِيَكِ غُلامًا زكِيّا أي طَيّبًا.

وقوله صلى الله عليه وسلم:ورُوحٌ مِنهُ معناهُ أنّ رُوحَ المسيحِ روحٌ صَادرةٌ منَ اللهِ تَعالى خَلقًا وتَكوينًا أي روحُه روحٌ مُشَرّفٌ كَريمٌ على اللهِ وإلا فجَمِيعُ الأرواحِ صَادِرةٌ مِنَ اللهِ تَعالى خَلقًا وتَكوينًا لا فَرقَ في ذلكَ بَينَ رُوحٍ ورُوح.

وقوله والجَنّةَ حَقّ والنارَ حقٌّ أي يَشهَدُ أنهما مَوجُودَتانِ،

وقوله أدخَلَه اللهُ الجَنّةَ على ما كانَ مِنَ العَمل أي ولو كانَ مِن أَهلِ الكَبائر.

وهَذا الحديثُ يحتَمِلُ ثلاثَةَ أَوجُه أحَدُها أنه يَدخُل الجَنّة مِن غَيرِ سَابقِ عَذابٍ،والآخَرُ أنّه يَدخُل الجَنّةَ ولو كانَ سَبقَ لهُ دخولُ النّارِ بذُنوبِه التي هي مِنَ الكَبائر التي ماتَ ولم يتُب مِنها،ويحتَمِلُ وجهًا ثالثًا وهوَ أن يكونَ مَعناهُ أنّ مَن قالَ هَذا على الدّوامِ في كلِّ يومٍ فإنّهُ يَدخُل الجَنّةَ بلا عَذابٍ لأنّ الذي يُداومُ على هذا على الدّوامِ لا بُدّ أن يكونَ مُوفَّقًا للعَملِ الصّالح وتجنُّبِ الكبَائر،وهذا المعنى الثّالثُ أرجَح أن يكونَ هوَ مُرادُ رسولِ الله لأنّهُ على المعنَيَينِ الأوّلَينِ لا يَظهَرُ لهُ مَزِيّةٌ على أصلِ الشّهادةِ،وهيَ أشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وأنّ محمّدًا رسولُ اللهِ،ومَا زادَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذِكْرَ شَهادةِ أن عِيسى عبدُ اللهِ ورسولِه وكلمَتُه ألقَاها إلى مَريم ورُوحٌ مِنه والجنةَ حقّ والنارَ حقّ إلا لمعنى زائدٍ لا يُشارِكُه فيهِ الشّهادَة المجرّدَةُ الأصليةُ،إذ الشّهادةُ الأصلِيّةُ لا بُدّ أن يكونَ قائلُها داخِلا الجنّةَ إمّا بَعدَ سَبْقِ عَذابٍ وإمّا مِن دونِ أن يَسبِقَهُ عَذاب.