شرح المختصر فصل التوبة

Arabic Text By Aug 16, 2010

 شرح المختصر فصل التوبة

قال المؤلف رحمه الله: تجب التوبة من الذنوب فوراً على كل مكلف. وهى الندم والإقلاع والعزم على أن لا يعود إليها. وإن كان الذنبُ تركَ فرضٍ قضاه، أو تبعةً لآدمىٍّ قضاه أو استرضاه.
الشرح: أن هذا الفصل معقود لبيان التوبة وشروطها. فالتوبة واجبة من الذنب الكبير فوراً وكذلك من الذنب الصغير على الفور لأن الله تعالى قال: {توبوا إلى الله}. وللتوبة أركان منها الندم أسفاً على عدم رعاية حق الله ومعنى الندم أن يقول يا ليتنى ما فعلت ذلك. أما إذا ندم لأمرٍ دنيوى كأن يندم على قتله لولده لأنه ولده، ليس أسفاً على عدم رعاية حق الله، أو نَدِمَ لأجل الفضيحة بين الناس أو نحو ذلك، فهذا ليس الندمَ الذى هو ركن التوبة. ولا يكون ذلك توبة معتبرة أى ليست هى توبة صحيحة فى حكم الشرع. فالندم هو الركن الأعظم فى التوبة. لذلك قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “الندم توبة”، معناه الركن الأعظم للتوبة هو الندم.
الركن الثانى للتوبة هو الإقلاع عن الذنب فى الحال أى ترك الذنب الذى يتوب منه فى الحال. فإذا إنسان ندم فى قلبه على ارتكابه الذنب لكن ما تركه إنما هو بَعْدُ منغمس فيه لا يكون ندمه هذا توبة. 
والركن الثالث للتوبة هو العزم فى قلبه على أن لا يعود إلى هذا الذنب بعد ذلك أبداً، أى أن ينوى جزماً أن لا يفعله بعد ذلك. أما إذا قال فى قلبه الآن أندم وأترك الذنب ثم بعد شهر أو بعد سنة أو بعد عشرِ سنين  أرجع إلى هذا الذنب فهذه توبة غير صحيحة. فلا بد من اجتماع هذه الأركان الثلاثة لصحة التوبة. فإذا تاب الإنسان توبة مجزئة غُفِرَ ذنبُهُ كما صح فى حديث ابن ماجه: “التائب من الذنب كمن لا ذنب له“.إهـ. ثم إن رجع إلى ذلك الذنب بعد أن تاب توبة مجزئة لا يُكتب عليه الذنب الأول من جديد، إنما يكتب عليه الذنب الجديد فقط. ولو كانت المعصية تركَ فرض لا بد من أن يقضيه، كأن كان الذنب ترك فرض الصلاة فإن توبته لا تصح حتى يقضىَ هذا الفرض. وإن كان الذنب ترك زكاةٍ أو كفارة أو نذر فيجب عليه الدفع فوراً إن كان مستطيعاً فإن لم يكن مستطيعاً ينوى بقلبه جزماً دفعَ ذلك عندما يستطيع. وإن كان الذنب تَبِعَةً لآدمى يقضى له هذه التبعة أو يستسمحه. فإن غصب له مالَه مثلاً يرد عين المال إن كان باقياً فى يده وإلا يرد بدله للمالك أو لنائب المالك أو للورثة إن كان مات، إلا أن سامحه صاحبُ الحق. وقد صح فى الحديث الذى رواه مسلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: “من كان لأخيه عندَه مظلمة فى عِرضٍ أو مالٍ فليَسْتحلَّه اليومَ قبلَ أن لا يكون دينارٌ ولا درهم“.إهـ. يعنى أن من كان لأخيه عليه حق مظلمة فى عِرض كأن سبه بغير حق أو مالٍ كأن أخذ ماله بغير حق فليستحله الآن أى فى الدنيا قبل أن لا يكون دينار ولا درهم أى قبل الحساب يوم القيامة. وإن كان الحق الذى عليه يتضمن قِصاصاً مثل أنه قتل مسلماً ظلماً، هنا صار من جملة ما عليه لتصح توبته أن يُمَكّـِنَ أهل القتيل من نفسه أى يذهب إلى ولىّ القتيل ويقول له ها أنا ذا أمكنك من نفسى إن شئت أن أُقْتَلَ قِصاصًا لا أهربُ وإن شئتَ فَاعْفُ فإن لم يفعل ذلك بل هرب من القِصاص لم تصح توبته.
ولا يشترط لصحة التوبة الاستغفارُ باللسان أى قول أستغفر الله مثلاً. وقول بعض الناس إنه شرط غلط سواء أطلقوا ذلك فى كل الذنوب أو قيدوه ببعض الذنوب، فإنه فى الحالين غلط.

والله تعالى أعلم.

انتهى

ما قدَّر اللهُ جـمعَه من حَلِّ ألفاظ

مختصر عبد الله الهــــررىّ الكافل بعلم الدين الضرورىّ

سبــحانَ ربّـك ربِّ العِــزَّة عما يصــــفـون

وســـــــلامٌ عــلى المـــرســــــلين

والحمد لله رب العالمين