يهَا بَيَانُ أَنَّ ادِّعَاءَ السَّلَفِيَّةِ نُفَاةَ التَّوَسُّلِ انْتِسَابُهُمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ زُورٌ وَبُهْتَانٌ

Arabic Text, Wahhabi Falsehood By Aug 12, 2010

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مُقَارَنَةٌ عِلْمِيَّةٌ

فيهَا بَيَانُ أَنَّ ادِّعَاءَ السَّلَفِيَّةِ نُفَاةَ التَّوَسُّلِ انْتِسَابُهُمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ زُورٌ وَبُهْتَانٌ

الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يَنْتَسِبُونَ لأحْمَدَ لأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ القُبُورِ، وَإِلا لَوْ كَانَ حَيًّا لعَادَوْهُ كَمَا عَادَوْا سَائِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَمَا يُرِيدُونَ بانْتِسَابِهِم إِلَيْهِ أَحْيَانًا إلا لِيُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ حتَّى يُظَنَّ بِهِمْ أَنَّهُم مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَإِلا فَهُمْ لا يُحِبُّونَ الانْتِسَابِ لِمَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ لأَنَّ أَفَاضِلَ الْعُلَمَاءِ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ سُيوفٌ مُسْلَطَةٌ عَلَى رِقَابِ الْمُجَسِّمَةِ في كُلِّ زَمَانٍ وَهُمْ أَيْ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ الآنَ مُجَسِّمَةٌ فَلا يَرُوقُ لَهُمْ ذَلِكَ، لِذَلِكَ يذَمُّونَ وينتقِصونَ بَلْ وَيُكَفِّرُونَ في بَعْضِ الأَحْيَانِ مَنْ يَنْتَسِبُ إِلى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ، فَقَدْ قَالَ قَائِلُهُمْ: “التَّقْليدُ عَيْنُ الشِّرْكِ” وَهُوَ مُسَجَّلٌ بِصَوْتِهِ، وَفي كِتَابٍ لَهُمْ أَسْمَوْهُ “هَلِ المسلمُ مُلْزَمٌ باتِّباعِ مَذْهَبٍ مُعينٍ منَ المذاهِبِ الأربعة؟”، في الصحيفة الثالثةَ عشَرَ يَقُولُونَ فِيهِ: “إنَّ الَّذي يتَّبِعُ مَذْهَبًا منَ المذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ هَذَا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تابَ فَبِهَا وإِلاَّ قُتِل”، ثُمَّ في الصَّحِيفةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ مِنْهُ يقولُونَ: “وإذا حَقَّقْتَ المَسْأَلةَ حَقَّ التَّحقيقِ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ هذهِ المذاهبَ إِنَّما أُشيعتْ ورُوِّجَتْ وَزُيِّنَتْ مِنْ قِبَل أعداءِ الإسلامِ لِتَفْريقِ المسلمينَ وَتَشْتِيتِ شَمْلِهِم” اهـ، عَلَى زعمِهِم الأمَّةُ كُلُّهَا عَلَى ضَلالٍ لأَنَّهم رَضُوا بالشَّافعيِ ومَالِكٍ وَأَحْمَدَ وأبي حَنِيفَةَ، كيفَ سَوَّغَتْ لَهُمْ نُفُوسُهُمْ ذَلِكَ وقَدْ وَرَدَ في الْحَدِيثِ الصَّحيحِ الَّذي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ “مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلزَمِ الْجَمَاعَةَ” مَعْنَاهُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَيَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ اللهِ فَلْيَلزَمْ جُمْهُورَ الأُمَّةِ أي عَقِيدَتَهُمْ، عَقِيدَةَ جُمْهُورِ الأُمَّةِ، أَيِ السَّوَادِ الأَعْظَمِ، وَالسَّوَادُ الأَعْظَمُ عَلَى عَقِيدَةِ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ الَّذينَ هُمْ عَلَى عَقِيدَةِ الصَّحَابَةِ. اللهُ تعالى أَكْرَمَ سيِّدَنا مُحَمَّدًا  بِأَنْ حَفِظَ أُمَّتَهُ عَنْ أنْ يَضِلَّ جُمْهُورُهُم أَيْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الإسْلامِ، اللهُ تعالى وَعَدَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا  أَنْ يَحْفَظَ عَقِيدَةَ الإسْلامِ في جُمْهُورِ أُمَّتِهِ أي مُعظَمِهِم، مَعْنى ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الأُمَّةِ قَدْ يَكْفُرُونَ أَمَّا الْجُمْهُورُ لا يَكْفُرُونَ، إِلى وَقْتِنَا هَذَا عَلَى هَذا الْحَالِ بَقِيَتِ الأُمَّةُ وَلا يَزَالُونَ فِيمَا بَعْدُ عَلَى هَذَا، عَقِيدَةُ الإسْلامِ مَحْفُوظَةٌ لِلْجُمْهُورِ أَيْ لِلْمُعْظَمِ، فَكَيْف يَتَجَرَّأُ هَذَا الْمُشَبِّهُ عَلَى القَوْلِ “بِأَنَّ هَذِهِ الْمَذَاهِبَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ أَعْدَاءِ الإسْلام”؟ بَلْ إِنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ هُوَ عَدَوُّ الإسْلامِ. وكيفَ يزعُمُ بأنَّها شَتَّتِ الْمُسْلِمِينَ وَجُمْهُورُ الأمَّةِ يَتَّبِعُونَ هَذِهِ الْمَذَاهِبَ الأربعةِ، وَزَادَتْ رُقْعَةُ الإسْلامِ اتِّسَاعًا بَعْدَ انْتِشَارِ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ وَقَوِيَتْ شَوْكَة الْمُسْلِمِينَ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ الوَاقِعُ. بَلْ إنَّ الطَّعنَ بهذهِ المذاهبِ الأربعةِ الْمُعتبرةِ من تَمزيق الأُمَّةِ وَتَشْتِيتِهَا. وهمُ المجسمةُ أدعياءُ السلفيةِ يزعمونَ تَارَةً أَنَّهُم لا ينتسِبونَ لأيِّ مَذْهبٍ بل يتبعونَ القرءان والسُّنةَ فَقَطْ وَتَارَةً يَنْتَسِبُونَ إِلى أَحْمَدَ. وَيسمُونَ أنفُسَهُم تارةً بالسَّلفية وتارةً بأهلِ الحديثِ وغيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَسْمَاءِ الرَّنَّانَةِ الَّتي تُوهِمُ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَحَرَامٌ تَسْمِيَتُهُمْ بِالسَّلَفِيَّةِ أَوْ أَهْلِ الْحَديثِ، هؤلاءِ المجسمةُ أدعياءُ السلفيةِ إن ذَمُّوا علينا اتِّباعَ مذهبٍ منَ المذاهبِ المعتبرةِ الأربعةِ لأنهُ في زمنِ النبيِّ لم يكن هُنَاك مذهبٌ حنفيٌّ أو مالكيٌّ أو شَّافعيٌّ أو حنبليٌّ يُقالُ لَهم: ولم يكن أيْضاً في زمنِ النبيِّ  مذهبٌ يقال لهُ (المذهبُ السَّلفيُّ) أو (مذهبُ أهلِ الحديثِ). الحاصلُ أنَّ هؤلاءِ المجسمةَ أدعياءَ السَّلفيةِ لا يتَّبعونَ مذهبًا من مذاهب أهلِ السُّنَّةِ المعتبرَةِ بل مذهبُهُم هو دينُهُم الذي جاءَ بهِ زَعيمُ الْمُجَسِّمَةِ في زَمَانِهِ قَبْلَ نَحْوِ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً والذي اسْتَقَاهُ مِنْ ابْنِ تيميةَ الحرَّانيِّ، فَشَرِبَ مَشْرَبَهُ وَزَلَّ زَلَّتَهُ، ولكِنْ هُم هؤلاء المجسمةُ أدعياءُ السلفيةِ ما انْ يشعروا أنَّهُم في عُزْلَةٍ عن مَنْ حولَهُم أَوْ في مأزَقٍ كما هو حالُهُمُ اليومَ فالكُلُّ يتَّهِمُهُم  بِالغُلوِّ وَالتَّطرُّفِ وَالإرْهَابِ فَحِينئِذٍ يهرَعُونَ لِمَذْهَبِ أحمدَ بنِ حنبلٍ ليجعلوهُ غطاءً لَهُمْ ليستَتِرُوا بهِ، ثُمَّ بَعدَ ذلك عِنْدَمَا يَجدون أَنَّهُم صاروا ذَا قُوَّةٍ وَعَدَدٍ وزادتْ شُهرتُهُم وقويَتْ شوكتُهُم وما عادَ لَهُم حاجةٌ لغطاءٍ يستَتِرونَ بهِ ويُمَوِّهونَ بهِ على النَّاسِ تبرؤوا من مذهبِ أحمدَ وعادُوا إلى ذمِّهِم لاتِّباعِ الْمذاهبِ السُّنيةِ الأربعة. وفي الحقيقةِ مَذهبُ أحمدَ في وادٍ وهؤلاءِ مذهبهُم في وادٍ ءاخر، دينُ أحمدَ هوَ الإسلامُ وأمّا دينُهُم فهوَ ضِدُّ دينِ الإسلام. فَيُقَالُ لَهُم أينَ أنتُم من أحمد؟  أَينَ أَنْتُم مِنَ السَّلَف؟ أَينَ أَنُتُم مِنَ الصَّحابةِ؟ أَينَ أَنتم منَ رسولِ الله  الَّذي قال: “لاَ فِكْرَةَ في الرَّب”، أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ هذا؟ أَنْتُمْ تَعْبُدُونَ شَيئًا تَتَخَيَّلُونََهُ وَتتَصوَّرونَهُ، تَتَصوَّرونَهُ جِسْمًا قاعِدًا على العرشِ، تَزْعُمونَ أَنَّه الله، أَمّا عقيدة المُسلمينَ اللهُ موجودٌ لا يُشْبِهُ الموجودات، مَوْجُودٌ بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ كَمَا قالَ اللهُ تعالى عنْ نَفْسِهِ في القُرءان الكريم : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّميعُ البصير [سورة الشُّورى، 11].

 ثَبَتَ بالإسْنَادِ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ رَضيَ الله عَنْهُ، وضَعَ وَجْهَهُ على قَبرِ الرَّسولِ ، بَعْدَ موتِهِ، أَحَدُ الْمُجَسِّمَةِ مِنْ أَدْعِيَاءِ السَّلْفِيَّةِ مِن مدينةِ الزَّرقاءِ بالأردُنِّ لما سمع هذا قال: “لَقَدْ فَعَلَ شِرْكًا”، فقالَ لَهُ الأُستَاذ الَّذي هُوَ مِنْ أهْلِ السُّنَّةِ: “أَقولُ لَكَ أَبو أيوبَ الأَنصاريُّ وتقولُ فَعَلَ شِرْكًا”، فقالَ لَهُ الْمُجَسِّمُ: “لَوْ كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ فَعَلَ شِرْكًا”، هَذَا وَارِدٌ عَنْ أَبي أَيُّوبَ، أَنَّهُ وضَعَ وَجْهَهُ على قبرِ النبي ، روى عَنهُ ذلكَ الإمامُ الحافِظُ أحمدُ ابنُ حنبلٍ في مُسنَدِهِ، والْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُم حَنابِلَةٌ، أَيْنَ هُمْ منَ الحنابلةِ؟ وأَينَ هُمْ مِنْ أحمد؟ ما انْتِسابُهُمْ إلى أَحمدَ إِلاَّ كانْتِسابِ النَّصارى إِلى عيسى، يَنتِسِبونَ إِليهِ وَهوَ برئٌ مِنْهُم، يَنْتَسِبونَ إِلى أحمد وأحمدُ برئٌ مِنهم، في القولِ برئٌ مِنهم، وفي العَمَلِ برئٌ منهم، وفي السُّلوكِ برئٌ منهم، وفي االمُعْتَقَدِ برئٌ منهُم ، وَإِلَيْكُمْ بَعْضَ ما يُخَالِفُونَ فيهِ الإمَامَ أحْمَدَ بْنَ حَنْبلٍ رضي الله عنه:

 أَحْمَدُ بْنُ حَنْبلٍ يُكَفِّرُ مَنْ قَالَ بِالتَّجْسِيمِ في حَقِّ اللهِ تَعَالى، رَوَى الزَّركشيُّ في كِتَابِهِ تَشْنِيفُ الْمَسَامِعِ عَنْ صَاحِبِ الْخِصَالِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: “مَنْ قَالَ إِنَّ اللهَ جِسْمٌ لاَ كَالأَجْسَامِ كَفَرَ”. وَقَدْ رَوى الإمامُ البَيْهَقِيُّ في كِتَابِهِ “مَنَاقِبُ أَحَمَدَ” (مَخْطُوطٌ) نَقْلاً عَن الإمَامِ أَبي الفَضْلِ التَّمِيميِّ رَئِيسِ الْحَنَابِلَةِ بِبَغْدَادَ وَابْنِ رَئيسِهَا: “أَنْكَرَ أَحَمَدُ عَلى مَنْ قَالَ بِالْجِسْمِ، وَقَالَ: إِنَّ الأَسْمَاءَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ وَاللُّغَةِ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ وَضَعُوا هَذَا الاسْمَ – أَيِ الْجِسْمَ – عَلَى ذِي طِولٍ وَعَرْضٍ وَسَمْكٍ وَتَرْكِيبٍ وَصُورَةٍ وَتَأْلِيفٍ، وَاللهُ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ –أي مُنزَّهٌ عَنْه- فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسمَّى جِسْمًا لِخروجِهِ عَنْ مَعْنَى الْجِسْمِيّةِ، وَلَمْ يَجِىءْ في الشَّرِيعَةِ ذَلِكَ فَبَطلَ” اهـ. والْمُجَسِّمَةُ أَدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ يقولُونَ عَنِ اللهِ: “جِسْمٌ كَثِيفٌ”، بِدَلِيلِ قَوْلِهِم إِنَّهُ في الآخرةِ عِنْدَمَا يُقَالُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ فَتَقُولُ هَلْ مِن مَزِيدٍ إِنَّ اللهَ تعالى يَضَعُ قَدَمهُ فيها وَلا تَحْتَرِقُ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهم مُجَسِّمةٌ، هَؤُلاءِ لا فِقِهُوا في الدِّينِ وَلا في اللُّغَةِ، يُقَالُ في لُغَةِ الْعَرَبِ: “رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ”، أَيْ فَوْجٌ مِنْ جَرَادٍ، فَالْحَديثُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ ذِكْرُ الْرِّجْلِ مُضَافًا إِلى اللهِ هُوَ حَدِيثُ: “إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يَمْلأُ يوْمَ الْقِيَامَةِ جَهَنَّمَ بِفَوْجٍ مِن خَلْقِهِ“، كَانُوُا مِنْ أَهْلِها في عِلْمِ اللهِ تعالى، لَيْسَ أَهْلُ الْنَّارِ يَدْخُلونَ الْنَّارَ دَفْعَةً وَاحِدَةً كُلُّهُم، لا، بَلْ يَدْخُلُ فَوْجٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذِلِكَ فَوْجٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَوْجٌ، فَالْفَوْجُ الأَخِيرُ هُوَ الَّذِي وَرَدَ في الْحَدِيثِ: “فَيَضَعُ رِجْلَهُ فِيهَا“، رِجْلَهُ مَعْنَاهُ الْفَوْجُ الأَخِيرُ مِنْ خَلْقِهِ الَّذِينَ هُمْ حِصَّةُ جَهَنَّمَ. وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا على أَنَّ الْمُشَبِّهَةَ أَدْعِيَاءَ السَّلَفِيَّةِ في هَذَا الزَّمَانِ مُجسِّمَةٌ مَا وَرَدَ في كِتَابِ أَحَدِ زُعَمَائِهِمْ الَّذِي ألَّفَ كِتَابًا أَسْمَاهُ “تنبيهاتٌ هامَّةٌ” (صحيفةِ اثْنَتَيْنِ وعِشرينَ 22) يقولُ فيه: “ثُمَّ ذَكَرَ الصَّابوني هَدَاهُ اللهُ تَنْزِيهَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَنِ الجِسْمِ والحَدَقَةِ والصِّماخِ واللِّسَانِ وَالْحَنْجَرَةِ وَهَذَا لَيْسَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ بلْ هوَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الكَلامِ المذْمُومِ وَتَكَلُّفِهِم” انتهى بحروفِهِ. وَلا شَكَّ أَنَّ اللهَ تعالى مُنَزَّهٌ عَمَّا ذُكِرَ كُلِّهِ، وَذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ. وَهَذَا وَلا شَكَّ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا قَالَ الإمَامُ السَّلَفِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ عَنِ اللهِ “تَعالى عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَاياتِ وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ لا تَحْويِهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَات” وَقَالَ “وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَاني الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ” وَالْجِسْمُ وَالْحَدَقَةُ وَالصِّمَاخُ وَاللِّسَانُ وَالْحَنْجَرَةُ مِنْ أَوْصَافِ الْبَشَر،ِ وَهَذَا النَّفْيُ التَّفْصِيليُّ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ . وَمِنْ قَوْلِهِ : فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَال . وَمِنْ قَوْلِهِ : وَكُلُّ شَىءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار. وَذَلِكَ في فَهْمِ مَنْ ءاتَاهُ اللهُ الْفَهْمَ، فَلا يَحْتَاجُ هَذَا النَّفْيُ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ النَّصُّ بِعَيْنِ الأَلْفَاظِ الْمَنْفِيَّةِ لإثْبَاتِه. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ بأَنَّنَا لا نَنْفِي وَلا نُثْبِتُ ذَلِكَ لأَنَّهُ لَمْ يأَتِ النَّصُّ بِنَفْيِهَا أَوْ إِثْبَاتِهَا فَهُمْ بِذَلِكَ فَتَحُوا الْبَابَ لِلْمَلاحِدَةِ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ لِيَنْسُبُوا إِلى اللهِ مَا لا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَتَّى وَصَلَ الأَمْرُ بِهِمْ أَنْ قَالَ أَحَدُ كِبَارِ الْمُشَبِّهَةِ عَنِ اللهِ (أَلْزِمُوني كُلَّ شَىْءٍ إِلا اللِّحْيَةَ وَالْعَوْرَةَ) فَمَا أَشْنَعَ كُفْرَهُ، جَعَلَ للهِ جِسْمًا وَأَعْضَاءً وَجَوَارِحَ وَأَدَوَاتٍ وَظَهْرًا وَبَطْنًا وَرَأسًا وَشَعَرًا وَعُنُقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَيُّ عَاقِلٍ يَدَّعي الإسْلامَ يَسْتَجِيزُ مِثْلَ هَذَا عَلَى اللهِ تعالى. 

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجَوِّزُ التَّأويلَ الَّذي هُوَ مُوَافقٌ لِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَلُغَةِ الْعَرَبِ لذلك أَوَّلَ قَوْلَهُ تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ والْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا . قال: “جَاءَ  أَمْرُهُ”، وَ في رِوايةٍ: “جَاءَتْ  قُدْرَتُهُ”، معناهُ اللهُ يُظهِرُ يومَ القيامةِ أهوالاً عَظيمةً، هِيَ ءاثارُ قُدرةِ الله، وَلَوْ كَانَ الإمَامُ أَحْمَدُ مُجَسِّمًا كَأَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ في هَذَا الزَّمَانِ لَمَا أَوَّلَ الآيَةَ وَلَكَانَ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا. أمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَقُولُونَ: “التَّأويلُ تَعْطِيلٌ” اهـ والتَّعْطِيلُ هُوَ نَفيُ وُجُودِ اللهِ تعالى أَوْ صِفَاتهِ فَيَكُونُونَ بِذَلِكَ حَكَمُوا عَلَى أَحْمَدَ بِالْكُفْرِ لأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مُعَطِّلاً، فَكَيْفَ بَعْدَ ذَلِكَ يَدَّعُونَ الانْتِسَابَ إِلَيْهِ. وقد حصلَ لِمُفْتي الْمُجَسِّمَةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ الَّذِي مَاتَ في هذا العَصْرِ وَهُوَ أعْمَى البَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَالَ لَهُ: “أَنتَ ضِدُّ التَّأويلِ وتُضَلِّلُ منْ يُؤَوِّلُ فَمَا تَقُولُ في قَوْلِهِ تعالى: وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا. فَإِنْ أَوَّلْتَ هذا فَقَدْ وَقَعْتَ فيمَا حَرَّمتَ وإنْ تَرَكتَ الآيةَ على ظَاهِرِهَا فقدْ حكمْتَ على نَفْسِكَ بِأنَّكَ كَمَا أَنْتَ في هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنيا أَعْمَى فَأَنْتَ في الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبيلاً، فَلَمْ يَجِدْ هَذَا الْمُشَبِّهُ جَوَابًا وَمَا كَانَ مِنْهُ إلاَّ أنْ شتَمَهُ وأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ.

 

ثَبَتَ بالإسْنَادِ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ رَضيَ الله عَنْهُ، وضَعَ وَجْهَهُ على قَبرِ الرَّسولِ ، بَعْدَ موتِهِ، أَحَدُ الْمُجَسِّمَةِ مِنْ أَدْعِيَاءِ السَّلْفِيَّةِ مِن مدينةِ الزَّرقاءِ بالأردُنِّ لما سمع هذا قال: “لَقَدْ فَعَلَ شِرْكًا”، فقالَ لَهُ الأُستَاذ الَّذي هُوَ مِنْ أهْلِ السُّنَّةِ: “أَقولُ لَكَ أَبو أيوبَ الأَنصاريُّ وتقولُ فَعَلَ شِرْكًا”، فقالَ لَهُ الْمُجَسِّمُ: “لَوْ كَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ فَعَلَ شِرْكًا”، هَذَا وَارِدٌ عَنْ أَبي أَيُّوبَ، أَنَّهُ وضَعَ وَجْهَهُ على قبرِ النبي ، روى عَنهُ ذلكَ الإمامُ الحافِظُ أحمدُ ابنُ حنبلٍ في مُسنَدِهِ، والْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُم حَنابِلَةٌ، أَيْنَ هُمْ منَ الحنابلةِ؟ وأَينَ هُمْ مِنْ أحمد؟ ما انْتِسابُهُمْ إلى أَحمدَ إِلاَّ كانْتِسابِ النَّصارى إِلى عيسى، يَنتِسِبونَ إِليهِ وَهوَ برئٌ مِنْهُم، يَنْتَسِبونَ إِلى أحمد وأحمدُ برئٌ مِنهم، في القولِ برئٌ مِنهم، وفي العَمَلِ برئٌ منهم، وفي السُّلوكِ برئٌ منهم، وفي االمُعْتَقَدِ برئٌ منهُم ، وَإِلَيْكُمْ بَعْضَ ما يُخَالِفُونَ فيهِ الإمَامَ أحْمَدَ بْنَ حَنْبلٍ رضي الله عنه:

 أَحْمَدُ بْنُ حَنْبلٍ يُكَفِّرُ مَنْ قَالَ بِالتَّجْسِيمِ في حَقِّ اللهِ تَعَالى، رَوَى الزَّركشيُّ في كِتَابِهِ تَشْنِيفُ الْمَسَامِعِ عَنْ صَاحِبِ الْخِصَالِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: “مَنْ قَالَ إِنَّ اللهَ جِسْمٌ لاَ كَالأَجْسَامِ كَفَرَ”. وَقَدْ رَوى الإمامُ البَيْهَقِيُّ في كِتَابِهِ “مَنَاقِبُ أَحَمَدَ” (مَخْطُوطٌ) نَقْلاً عَن الإمَامِ أَبي الفَضْلِ التَّمِيميِّ رَئِيسِ الْحَنَابِلَةِ بِبَغْدَادَ وَابْنِ رَئيسِهَا: “أَنْكَرَ أَحَمَدُ عَلى مَنْ قَالَ بِالْجِسْمِ، وَقَالَ: إِنَّ الأَسْمَاءَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ وَاللُّغَةِ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ وَضَعُوا هَذَا الاسْمَ – أَيِ الْجِسْمَ – عَلَى ذِي طِولٍ وَعَرْضٍ وَسَمْكٍ وَتَرْكِيبٍ وَصُورَةٍ وَتَأْلِيفٍ، وَاللهُ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ –أي مُنزَّهٌ عَنْه- فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسمَّى جِسْمًا لِخروجِهِ عَنْ مَعْنَى الْجِسْمِيّةِ، وَلَمْ يَجِىءْ في الشَّرِيعَةِ ذَلِكَ فَبَطلَ” اهـ. والْمُجَسِّمَةُ أَدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ يقولُونَ عَنِ اللهِ: “جِسْمٌ كَثِيفٌ”، بِدَلِيلِ قَوْلِهِم إِنَّهُ في الآخرةِ عِنْدَمَا يُقَالُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأتِ فَتَقُولُ هَلْ مِن مَزِيدٍ إِنَّ اللهَ تعالى يَضَعُ قَدَمهُ فيها وَلا تَحْتَرِقُ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهم مُجَسِّمةٌ، هَؤُلاءِ لا فِقِهُوا في الدِّينِ وَلا في اللُّغَةِ، يُقَالُ في لُغَةِ الْعَرَبِ: “رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ”، أَيْ فَوْجٌ مِنْ جَرَادٍ، فَالْحَديثُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ ذِكْرُ الْرِّجْلِ مُضَافًا إِلى اللهِ هُوَ حَدِيثُ: “إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يَمْلأُ يوْمَ الْقِيَامَةِ جَهَنَّمَ بِفَوْجٍ مِن خَلْقِهِ“، كَانُوُا مِنْ أَهْلِها في عِلْمِ اللهِ تعالى، لَيْسَ أَهْلُ الْنَّارِ يَدْخُلونَ الْنَّارَ دَفْعَةً وَاحِدَةً كُلُّهُم، لا، بَلْ يَدْخُلُ فَوْجٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذِلِكَ فَوْجٌ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَوْجٌ، فَالْفَوْجُ الأَخِيرُ هُوَ الَّذِي وَرَدَ في الْحَدِيثِ: “فَيَضَعُ رِجْلَهُ فِيهَا“، رِجْلَهُ مَعْنَاهُ الْفَوْجُ الأَخِيرُ مِنْ خَلْقِهِ الَّذِينَ هُمْ حِصَّةُ جَهَنَّمَ. وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا على أَنَّ الْمُشَبِّهَةَ أَدْعِيَاءَ السَّلَفِيَّةِ في هَذَا الزَّمَانِ مُجسِّمَةٌ مَا وَرَدَ في كِتَابِ أَحَدِ زُعَمَائِهِمْ الَّذِي ألَّفَ كِتَابًا أَسْمَاهُ “تنبيهاتٌ هامَّةٌ” (صحيفةِ اثْنَتَيْنِ وعِشرينَ 22) يقولُ فيه: “ثُمَّ ذَكَرَ الصَّابوني هَدَاهُ اللهُ تَنْزِيهَ اللهِ سُبْحَانَهُ عَنِ الجِسْمِ والحَدَقَةِ والصِّماخِ واللِّسَانِ وَالْحَنْجَرَةِ وَهَذَا لَيْسَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ بلْ هوَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الكَلامِ المذْمُومِ وَتَكَلُّفِهِم” انتهى بحروفِهِ. وَلا شَكَّ أَنَّ اللهَ تعالى مُنَزَّهٌ عَمَّا ذُكِرَ كُلِّهِ، وَذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ تعالى : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ. وَهَذَا وَلا شَكَّ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا قَالَ الإمَامُ السَّلَفِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ عَنِ اللهِ “تَعالى عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَاياتِ وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ لا تَحْويِهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَات” وَقَالَ “وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَاني الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ” وَالْجِسْمُ وَالْحَدَقَةُ وَالصِّمَاخُ وَاللِّسَانُ وَالْحَنْجَرَةُ مِنْ أَوْصَافِ الْبَشَر،ِ وَهَذَا النَّفْيُ التَّفْصِيليُّ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ . وَمِنْ قَوْلِهِ : فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثَال . وَمِنْ قَوْلِهِ : وَكُلُّ شَىءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار. وَذَلِكَ في فَهْمِ مَنْ ءاتَاهُ اللهُ الْفَهْمَ، فَلا يَحْتَاجُ هَذَا النَّفْيُ أَنْ يَكُونَ وَرَدَ النَّصُّ بِعَيْنِ الأَلْفَاظِ الْمَنْفِيَّةِ لإثْبَاتِه. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ بأَنَّنَا لا نَنْفِي وَلا نُثْبِتُ ذَلِكَ لأَنَّهُ لَمْ يأَتِ النَّصُّ بِنَفْيِهَا أَوْ إِثْبَاتِهَا فَهُمْ بِذَلِكَ فَتَحُوا الْبَابَ لِلْمَلاحِدَةِ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ لِيَنْسُبُوا إِلى اللهِ مَا لا يَجُوزُ عَلَيْهِ حَتَّى وَصَلَ الأَمْرُ بِهِمْ أَنْ قَالَ أَحَدُ كِبَارِ الْمُشَبِّهَةِ عَنِ اللهِ (أَلْزِمُوني كُلَّ شَىْءٍ إِلا اللِّحْيَةَ وَالْعَوْرَةَ) فَمَا أَشْنَعَ كُفْرَهُ، جَعَلَ للهِ جِسْمًا وَأَعْضَاءً وَجَوَارِحَ وَأَدَوَاتٍ وَظَهْرًا وَبَطْنًا وَرَأسًا وَشَعَرًا وَعُنُقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَيُّ عَاقِلٍ يَدَّعي الإسْلامَ يَسْتَجِيزُ مِثْلَ هَذَا عَلَى اللهِ تعالى.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يُنزِّهُ الله عنْ أَنْ يَكُونَ مُتَصَوَّرًا، فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: “مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فاللهُ بِخِلافِ ذلِكَ”، رَوَاهُ أبو الْحَسَنِ التَّمِيميُّ الْحَنْبَليُّ في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى اعتقادُ الإِمامِ الْمُبَجَّلِ أحمدَ بنِ حَنبلٍ، وَقَوْلُهُ هَذَا مَأخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: “لا فِكْرَةَ في الرَّبِّ” رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْصَارِيُّ، وَمِنْ قَوْلِهِ تعالى : وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى . [سورة النَّجم، 42] قَالَ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ في تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الآيَةِ: “إِلَيْهِ يَنْتَهي فِكْرُ مَنْ تَفَكَّرَ فَلا تَصِلُ إِلَيْهِ أَفْكَارُ الْعِبَادِ” اهـ. أَمَّا الْمُجَسِمةُ أدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فيقولونَ: “لاَ نَعْبُدُ شَيْئًا لاَ نَتَصَوَّرُهُ”.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجيزُ التَّبرُّكَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ  وَمِنْبَرِهِ وآثَارِهِ، فقد سُئِلَ: “عنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ مِنبرَ النَّبيِّ  وَيَتَبَرَّكُ بِمَسِّهِ وَيُقَبِّلُهُ ويَفْعَلُ بالقبرِ مِثْلَ ذلكَ أو نَحْوَ هذا يُريدُ بِذلكَ التَّقرُّبَ إلى اللهِ جَلَّ وعزَّ” فَقَالَ أَحْمَدُ: “لا بأْسَ بذلكَ” رواه عنهُ ابنهُ عبدُ اللهِ في كِتَابِ “العِلَلِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ” الجزءِ الثاني صحيفةَ (35) خَمْس وَثَلاثِينَ مَسْأَلةُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ (250)، كما أنَّ أَحْمَدَ كَانَ يَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ شَعَرِ النَّبيِّ  لِلتَّبَرُّكِ بِهِ. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَقُولُونَ: “التَّبَرُّكُ شِركٌ” وَيَعْتَبِرُونَ التَّمَسُّحَ بِقَبْرِ النَّبيِّ  وتَقْبيْلَهُ شِرْكٌ حَتَّى قَالَ ابنُ تَيْمِيةَ: (اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لا يُقبّلُهُ ولا يَتَمَسَّحُ بهِ فإنَّهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالشِّرْكُ لا يَغْفِرُهُ اللهُ وَلَوْ كَانَ أَصْغَر) اهـ وَهَذَا دَأبُهُ فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ قَوْلاً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ قَالَ “اتَّفَقُوا” أَوْ “أَجْمَعُوا” وَلا يَذْكُر اسْمَ عَالِمٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ بَاحِثٍ وَمُحَقِّقٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ والعدل يَعْرِفُ باعَهُ في التَّدْلِيسِ وَالافْتِرَاءِ عَلَى أَئِمَّةِ الْحَديثِ وَأَعْلامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابعين.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجيزُ التَّوسُّلَ بِالنَّبِيِّ  وَالصَّالِحينَ، فَهَا هُوَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ في مَنْسِكِهِ الَّذِي كَتَبَهُ للْمَِرْوَذِيِّ: “إِنَّهَ يَتَوَسَّلُ بالنَّبيِّ في دُعائِهِ – يَعْني أنَّ الْمُسْتَسْقِيَ يُسَنُّ لهُ في اسْتِسقائِهِ أَن يَتَوَسَّلَ بالنَّبيِّ” اهـ. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يقولونَ: “نداءُ غيرِ الحيِّ الْحَاضِرِ شِرْكٌ” كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ في كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ وَيُكَفِّرُون الْمُتَوَسِّلِينَ بِالأَنبياءِ وَالصَّالِحِينَ.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يُجِيزُ كِتَابَةَ الْحُرُوزِ الْخَالِيَةِ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَتَعْلِيقَهَا، فَقَدْ رَوَى عَنهُ ابنُهُ عبدُ اللهِ قال “رَأَيْتُ أَبي يَكْتُبُ التَّعَاوِيذَ لِلَّذي يُصْرَعُ وَلِلْحُمَّى لأَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ، وَيَكْتُبُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا عَسُرَ عَلَيْهَا الوِلادةُ في جامٍ أَوْ شَىْءٍ نَظِيفٍ، وَيَكْتُبُ حَدِيثَ ابْنِ عبَّاسٍ” اهـ. انْظُر كِتَابَ مَسَائِلِ أَحْمَدَ لابْنِهِ عَبْدِ اللهِ صَحِيفَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَسَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ (447). كَمَا أنَّ الإمامَ أَحْمَدَ عِنْدَمَا مَرِضَ أَحَدُ تلاميذهِ وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الْمرْوَذِيُّ كَتَبَ لَهُ وَرَقَةً فيها: “بسمِ اللهِ ومحمَّدٌ رسولُ اللهِ قُلنَا يَا نارُ كوني بردًا وسلامًا على إبراهيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ” اهـ. وفي ذَلِكَ دَليلٌ على أن الإمامَ أحمدَ يَرَى التَّبَرُّكَ بِذِكْرِ اسْمِ الرَّسُولِ  أَمْرًا حَسَنًا. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَمْنَعُونَ هَذِهِ التَّعَاوِيذَ وَالْحُرُوزَ الَّتي لَيْسَ فِيها إِلا شَىْءٌ مِنَ القُرْءَانِ أَوْ ذِكْرِ اللهِ وَيَقْطَعُونَها مِن أَعْنَاقِ مَنْ يَحْمِلُها قَائِلِينَ لَهُ (هَذَا شِرْكٌ). فَبِمَاذَا يَحْكُمُونَ عَلَى عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ وَغَيْرهِ مِنَ الصَّحابةِ الَّذينَ كانوا يُعَلِّقونَ هَذِهِ عَلَى أَعْنَاقِ أَطْفَالِهِمُ الَّذينَ لَمْ يَبْلُغُوا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمْ فيمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في جَامِعِهِ، أَيَحْكمُونَ عليهمْ بِالشِّرْكِ أَمْ مَاذَا؟ وَمَاذَا يَقُولُونَ في أَحْمَدَ بنِ حنبلٍ الَّذي يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ وَفَعَلَ مَا يَعْتَبِرُونَهُ شِرْكًا؟ وَمَاذَا يَقُولُونَ في الإمامِ الْمُجتهد ابْنِ الْمُنْذِرِ؟ كَفَاهُم خِزْيًا أَنْ يَعْتَبِروا مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ شِرْكًا.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يُقِرُّ الإجْمَاعَ، فقدْ قالَ عَنْ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الكَالىءِ بِالكَالىءِ: “هَذَا الْحَدِيثُ لا يَثبُتُ إِسْنَادًا لَكِنْ أَهْلُ العِلْمِ أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ” أَيْ عَلَى أَنَّهُ لا يَجوزُ بيعُ الدَّيْنِ بالدّينِ. قال الْحَافِظُ الْمُجْتَهِدُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ إِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: “إِجْمَاعٌ حُرْمَةُ بَيْعِ الكَالىءِ بِالكَالىءِ”، ذَكَرَهُ في كِتَابِهِ الإجْمَاع. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَهُمْ يُنْكِرُونَ الإجْمَاعَ اتِّباعًا لِشَيْخِهِمْ ابْن القَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ الَّذِي ادَّعَى كَذِبًا وَزُورًا أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: “مَنْ قَالَ بِالإجْمَاعِ فَقَدْ كَذَبَ” وَهَذَا كَذِبٌ لَمْ يرْوِهِ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ القَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ لأَنَّ شَيْخَهُ ابْنَ تَيْمِيَةَ خَالَفَ الإجْمَاعَ في أَكْثَر مِنْ سَبْعينَ مَسْئَلَةً وَهُوَ بِهَذَا يُريدُ أنْ يُخفِّفَ الأمْرَ عَلَى شَيْخِهِ في مُخَالَفَتِهِ لِلإجْمَاعِ.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يرى الطَّلاقَ الثَّلاثَ بلفظٍ واحدٍ ثلاثًا. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يَرَوْنَهُ لا َشَىْءَ أَوْ يَعْتَبِرُونَهُ طَلاقًا وَاحِدًا اتِّبَاعًا لابْنِ تَيْمِيَةَ في هَذَا، فَقَدْ تَرَكُوا مَذْهَبَ أَحْمَدَ الْمُوَافِقَ لِلإجْمَاعِ وَلَحِقُوا بِقَوْلِ ابْنِ تَيْمِيَةَ الشَّاذِّ الَّذِي مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهِ مِنْ سُلْطَان.

 أحمدُ بنُ حنبلٍ يَعْتَبِرُ مَنْ حَلَفَ بِرَسُولِ اللهِ  فَحَنِثَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً كَمَا أنَّ الَّذِي يَحْلِفُ بالله ثُم يَحْنَثُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَجْعَلُونَ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللهِ شِرْكًا مُطلقًا كالّذِي يَحْلِفُ بِغَيْرِ اللهِ وهوَ يُعظّمُهُ كتعظيمِ اللهِ اتِّبَاعًا لابْنِ تَيْمِيَةَ، وَقَوْلُهُ هَذَا مَرْدُودٌ، لأَنَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ: “مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ“، مَعْنَاهُ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ مُعَظِّمًا لَهُ كَتَعْظِيمِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ، هَذَا الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ: “مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ“. أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ قَالَ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ “أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً” مَعْنَاهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهة شَدِيدَة، لِذَلِكَ في مَذْهَبِهِ الَّذِي يَحْلِفُ بِغَيرِ اللهِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الوَجْهِ لَيْسَ حَرَامًا فَضْلاً عَنْ أَنْ يَكُونَ إِشْرَاكًا.

 أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لا يُحَرِّمُ إسْبَالَ الثَّوْبِ أَسْفَلَ الكَعْبيْن لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا خُيُلاءَ، قَالَ الإمامُ الْمَرْدَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في الإنْصَافِ: “يُكْرَهُ زَيادَتُهُ إِلى تَحْتِ كَعْبيْهِ بِلا حَاجَةٍ عَلَى الصَّحيْح مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ” اهـ أَمَّا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُجَسِّمَةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ حُرْمةُ ذلكَ مُطْلَقًا؛ وَهُمْ بِذَلِكَ قَدْ خَالَفُوا الْمَذْهَبَ بَلْ حَتَّى إِمَامَهُمْ ابْنَ تيْميّةَ الضَّالَّ فَقَدِ اخْتَارَ عَدَمَ تَحْرِيْمِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَرَاهَةٍ وَلا عَدَمِهَا كَمَا رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ ابْنُ مُفْلِحٍ الْمَقْدِسِيُّ في كِتَابِهِ “الآدابُ الشَّرعيةُ” (4/171).

والله أعلم وأحكم…..

 أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لا يُحَرِّمُ شَدَّ الرِّحَالِ إِلى قَبْرِ النَّبِيِّ  بَلْ يَعْتَبِرُهُ أَمْرًا مُسْتحَبًّا خِلافًا لِلْمُجَسِّمَةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ الَّذِينَ يَعْتَبِرُونَهُ مَعْصِيَةً بَلْ وَشِرْكًا إِنْ كَانَ لِلتَّبَرُّكِ اتِّبَاعًا لِشَيْخِهِمُ ابن تَيْمِيَةَ في هَذَا. فَقَدْ أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْحَنَابِلَةِ قَاطبَةً عَلَى أَنَّ مَنْ فرَغَ مِنَ الْحَجِّ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْحَبيْبِ عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيم، أَيْ يَشُدُّ رِحَالَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلى الْمَدِيْنةِ وَهِيَ مَسَافةُ قَصْرٍ قَاصِدًا زيَارةَ قبْرِ الْحَبيبِ محمّد. قَالَ ابْنُ قُدَامةَ في “الْمُقْنِعِ” (ص/35):  “فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبيِّ وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا” اهـ. قَالَ الإمَامُ الْمَرْدَاويُّ مُعَلِّقًا عَلَى هَذِهِ العِبَارَةِ كَمَا في “لإنْصَافِ” (4/53):  “هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأَصْحَابُ قَاطِبَةً مُتَقَدِّمُهُمْ ومُتَأَخِّرُهُمْ”. اهـ. وَقَالَ في “الكافي” (1/499): “وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبيِ وَصَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبيَّ عليه السّلام قَالَ: “مَنْ زَارَني أَوْ زَارَ قَبْرِي كُنْتُ لَهُ شَفيْعًا أَوْ شَهيْدًا” رواه أبوداودَ الطَّيالسيُّ” اهـ. بَعْدَ هَذِهِ النُّقُولِ مِنْ مَشَاهِيرِ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ مَاذَا يَقُولُ الْمُجَسِّمَةُ أدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ في تَحْرِيْمِهِمْ لِمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ بِإجْمَاعِ الْحَنَابِلَةِ بَلْ وَبِإجْمَاعِ الْمُسْلِمين.

 الإِمَامُ أَحْمَدُ لا يَعْتَبِرُ الطَّوافَ بِالقبُورِ شِرْكًا إِنَّمَا يَعْتَبِرَهُ مَعْصِيَةً فَقَطْ، فَقَدْ قَالَ الإمَامُ البُهُوتِيُّ في شَرْحِ الْمُنتَهَى (2/581) : “وَيَحْرُمُ الطَّوَافُ بها -أيِ الحُجْرةِ النبويّةِ- بل وَبِغَيْرِ البَيْتِ العَتِيقِ اتِّفَاقًا” اهـ. أَمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يُعْتَبرُونَهُ كُفْرًا مُخْرِجًا مِنَ الْمِلَّةِ.

فَيُقَالُ لِلْمُجَسِّمَةِ أدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كان منزّها لله ويعتقد أنّ الله منزّه عن المكان والجهة والنّزول والصعود الحقيقيّين ونقل عنه صاحب الخصال من الحنابلة تكفير المجسّمة.وكان يَرَى الطَّلاقَ الثّلاثَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ ثَلاثًا ،ويُقرُّ بِكِتَابَةِ الْحُرُوزِ وَتَعْلِيقِهَا بَلْ وَكَانَ يَكْتُبُهَا بِنَفْسِهِ ،وَيُثْبِتُ الإجْمَاعَ، وَيُجِيزُ التَّوَسُّلَ وَيَحُثُّ عَلَى التَّبَرُّكِ ،ويؤَوِّلُ مَا تَشَابَهَ مِنَ الآيَاتِ، ويُنَزِّهُ اللهَ تعالى عَنِ الْجِسْمِ وَصِفَاتِ الْجِسْمِ. أَمَّا أَنتُم يَا أَدْعِيَاءَ السَّلَفِيَّةِ وَيَا مُجَسِّمَةَ الْعَصْرِ تَعْتَبِرُونَ هَذَا كُلَّهُ ضَلالاً، فكيفَ تَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ وأنتُم تُضَلِّلونَ مَنِ اعْتَقَدَ عَقِيدَتَهُ في التَّنْزِيهِ وتُكَفِّرُونَ مَنْ عَمِلَ بِقَوْلِهِ في التَّأوِيلِ وَتَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ لِقَوْلِ زَعِيمِكُمْ في كِتَابِهِ فَتْحُ الْمَجيدِ “مَنْ دَخَلَ في دَعْوَتِنَا فَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ في دَعْوَتِنَا فَهَوَ كَافِرٌ حَلالُ الدَّمِ” اهـ. فَإِذًا مَا انْتِسَابُكُم لأَحْمَدَ إِلاّ كَانْتِسَابِ النَّصَارَى لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ.

وَاللهُ تعالى أعْلَمُ وَأحْكَم.