ثم هَذه الفِرَقُ تُمَوّهُ على النّاسِ بإيْرادِهِم لهذه الآيةِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}

Arabic Text By May 13, 2019

قال شيخنا رحمه الله ونفعنا به وأمدنا بأمداده

ثم هَذه الفِرَقُ تُمَوّهُ على النّاسِ بإيْرادِهِم لهذه الآيةِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} هذهِ الآيَةُ تُوهِمُ الجاهِلَ أنّ مَن حَكَمَ بغَيرِ القرءانِ فهوَ كافِر. لكنّ الآيةَ ليسَت كمَا زَعَمُوا، هَذه الآيَةُ فَسّرَها اثنَانِ مِنَ الصّحَابَةِ تَفسِيرًا مُخَالِفًا لما ادّعَاهُ سَيّد قُطُب أحَدُ التّفسِيرَين تَفسِيرُ ابنِ عَبّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُما قالَ مَا مَعنَاهُ إنّ هَذا الكُفرَ المذكُورَ في هَذِه الآيةِ ليسَ الكُفرَ الذي يُخرِجُ مِنَ الْمِلّةِ إنّما هوَ مَعصِيَةٌ كَبِيرَةٌ شُبّهَت بالكُفرِ هَذا ثَابِتٌ عن ابنِ عَبّاسٍ، والتّفسِيرُ الآخَرُ نزَلَت في الكُفّار لأنّ قَبلَ هَذه الآيةِ ذِكْرُ اليَهُودِ، هَذَانِ التّفسِيرَانِ هما التّفسِيرَانِ الصّحِيحَانِ عن السّلَف ولم يَثبُت عن الصّحَابَةِ تَفسيرٌ غَيرُ هَذا فسَيّد قُطُب خَالَفَهُم ففَسّرَ الآيةَ بأنّها تَعني أنّ كُلَّ مَن حَكَمَ بغَيرِ الشّرع ولو في قَضِيّةٍ واحِدَةٍ كَافِرٌ، وقَد وَرَدَ في الأحَاديثِ الصّحِيحَةِ تَسمِيَةُ بَعضِ المعاصِي كُفرًا قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “سِبَابُ المُسلِم فُسُوقٌ وقِتَالُهُ كُفرٌ” هذا الحديثُ في البُخَاريّ ومُسلِم وغَيرِهما مِن كُتُبِ الحَدِيث، العُلَماءُ حمَلُوهُ على أنّ مَعنى قَولِه وقِتَالُه كُفرٌ على أنّ قِتَالَ المسلِم للمُسلِم إذا كانَ للدُّنيا ذَنبٌ كَبِيرٌ يُشبِهُ الكُفرَ. كذَلِكَ ثبَتَ في الحديثِ أنّ الرّسولَ صلى الله عليه وسلم “سَمّى النّياحَةَ والطّعْنَ في الأنسَابِ كُفرًا” أي يشبهان الكفر

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعٌ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَنْ يَدَعَهُنَّ النَّاسُ النِّيَاحَةُ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ”رواه أحمد  )

مع أنّهُ وَردَ في القرءانِ تَسمِيَةُ المتَقاتلِينَ مِن الأمّة مؤمنِينَ قالَ اللهُ تَعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} هَذه الآيةُ فِيها أنّ كِلَا الفَرِيقَينِ مؤمِنُونَ أي لا يُكَفّرُون لقِتَالهم. كذلكَ هَذا الذي حَكَمَ بغَيرِ القُرءان يُسَمّى مؤمِنًا عَاصِيًا لا يُسَمَّى كَافِرًا فسَيّد قُطُب بتَكفِيرِه للحُكّام ولمن يُعَايِشْهُم أي لا يُعَارضُهُم كَفّرَ المسلمِينَ.