قال الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه في افتتاح أرجوزة التوحيد عن ‏الله عز ‏وجلّ: ‏تَعَالَى الرَّبُّ عَنْ جهَات.. وَبُعدٍ وَقُربٍ/ لَا له مَكَان

Arabic Text By May 11, 2019

قال الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه في افتتاح أرجوزة التوحيد عن ‏الله عز ‏وجلّ: ‏تَعَالَى الرَّبُّ عَنْ جهَات.. وَبُعدٍ وَقُربٍ/ لَا له مَكَان؛ والمعنى أنه ‏لما كان تنزيه الله عن ‏مشابهة ‏المخلوقات من أساس شهادة التوحيد “لا إله إلا ‏الله”، بدأ الشيخ المكاشفي أرجوزته في ‏التوحيد ببيان أن الله تعالى منزّه ‏عن ‏الجهات والأمكنة لأنه تعالى هو الذي خلق الجهات والأمكنة ‏وهو لا يحتاج ‏إليها ولا إلى ‏غيرها. والدليل من القرآن على تنزيه الله عن المكان قوله تعالى ‏‏”هو ‏الأول” (سورة الحديد) أي ‏أن الله وحده لا بداية له، وكلّ ما سوى الله ‏تعالى فله بداية لأن كل ما ‏سوى الله مخلوق لله، ومن ‏تلك المخلوقات المكان ‏الذي هو الجزء من الفراغ يملؤه الإنسان أو ‏الحيوان أو الجبل. أما الله ‏تعالى ‏فهو سـبحانه مـنـزّه عن أن يكون مـتحيزاً في جهة من الجهات ‏الســت، فلا هو ‏بعيد بالمكان ‏ولا هو قريب بالمكان، ولكـنه تعالى كما جاء في القرآن: “إنَّ ‏رَحمَةَ ‏اللَّهِ قَرِيبٌ مِن الْمُحْسِنِينَ” ‏‏(سورة الأعراف)، فقرب الله من الصالحين ‏قربٌ معنوي وليس حسياً، ‏والله منزّه عن القرب ‏المادي والحسّي لأنه تعالى ‏منزّه عن أن يُشار إليه بالحسّ، فالحسّ قاصر ‏عن إدراك بعض مخلوقات ‏الله ‏تعالى كالروح، فهو (أي الحسّ) أكثرُ قصوراً عن إدراك الخالق ‏جلّ ‏وعلا، لأنه تعالى لا يشبه شيئاً ولا ‏يشبهه شيء. وفهمنا من كلام الشيخ ‏المكاشفي أن نسبة ‏المكان إلى الله أمر يخالف التوحيد وهو قول علماء الاسلام.