شجاعة_علي_بن_أبي_طالب

Miscellaneous By May 27, 2017


شجاعة_علي_بن_أبي_طالب

ذَكَرَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قال : خَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ وَهُوَ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَنَادَى: مَنْ يُبَارِزُ؟

فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: أَنَا لَهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ.

فَقَالَ إِنَّهُ عَمْرٌو، اجْلِسْ.

ثُمَّ نَادَى عَمْرٌو: أَلَا رَجُلٌ يَبْرُزُ؟ فَجَعَلَ يُؤَنِّبُهُمْ وَيَقُولُ: أَيْنَ جَنَّتُكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنْكُمْ دَخَلَهَا أَفَلَا تُبْرِزُونَ إِلَيَّ رَجُلًا؟

فَقَامَ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: اجْلِسْ.

ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ، فَقَالَ:

ولقد بححت من النداء ** لجمعهم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن المشجع ** مَوْقِفَ الْقرْنِ الْمُنَاجِزْ

وَلِذَاكَ إِنِّي لَمْ أَزَلْ ** مُتَسَرِّعًا قِبَلَ الْهَزَاهِزْ

إِنَّ الشَّجَاعَةَ فِي الْفَتَى ** وَالْجُودَ مِنْ خَيْرِ الْغَرَائِزِ

قَالَ فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا.

فَقَالَ: إِنَّهُ عَمْرٌو، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ عَمْرًا.

فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى إِلَيْهِ، حَتَّى أَتَى وَهُوَ يقول:

لا تعجلن فقد أتاك ** مُجِيبُ صَوْتِكَ غَيْرَ عَاجِزْ

فِي نِيَّةٍ وَبَصِيرَةٍ ** والصدقُ منجى كل فائز

إني لأرجو أن أقيم ** عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاءَ ** يبقى ذِكْرُهَا عِنْدَ الْهَزَاهِزْ

فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ: أَنَا عَلِيٌّ،

قَالَ: ابْنُ عَبْدِ مَنَافٍ؟

قَالَ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

فقال: يا ابن أخي من أَعْمَامِكَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُهْرِيقَ دَمَكَ؟

فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَكِنِّي وَاللَّهِ لَا أَكْرَهُ أَنْ أُهْرِيقَ دَمَكَ، فَغَضِبَ فَنَزَلَ وَسَلَّ سَيْفَهُ كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوَ عَلِيٍّ مُغْضَبًا وَاسْتَقْبَلَهُ عَلِيٌّ بِدَرَقَتِهِ فضربه عمرو في درقته فَقَدَّهَا وَأَثْبَتَ فِيهَا السَّيْفَ وَأَصَابَ رَأْسَهُ فَشَجَّهُ، وَضَرَبَهُ عَلِيٌّ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ فَسَقَطَ وَثَارَ الْعجَاجُ وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم التكبير، فعرفنا أن عليا قد قتله.

فثم يقول علي:

أَعَلَيَّ تَقْتَحِمُ الْفَوَارِسُ هَكَذَا ** عَنِّي وَعَنْهُمْ أَخَّرُوا أصحابي

اليوم يمنعني الْفِرَارَ حَفِيظَتِي ** وَمُصَمِّمٌ فِي الرَّأْسِ لَيْسَ بِنَابِي

إِلَى أَنْ قَالَ:

عَبَدَ الْحِجَارَةَ مِنْ سَفَاهَةِ رأيه ** وعبدت رَبَّ مُحَمَّدٍ بِصَوَابِ

فصدرت حين تركته متجدلا ** كالجذع بين دكادك وروابي

وعففت عن أثوابه لو أنني ** كنت المقطر بزّني أثوابي

لا تحسبن الله خاذل دينه ** ونبيه يا معشر الأحزاب

قَالَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلِيٌّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ،

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هَلَّا اسْتَلَبْتَهُ دِرْعَهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْعَرَبِ دِرْعٌ خَيْرٌ مِنْهَا؟

فَقَالَ: ضَرَبْتُهُ فَاتَّقَانِي بسوءته، فَاسْتَحْيَيْتُ ابْنَ عَمِّي أَنْ أَسْلُبَهُ،

قَالَ وَخَرَجَتْ خُيُولُهُ مُنْهَزِمَةً حَتَّى اقْتَحَمَتْ مِنَ الْخَنْدَقِ.

وحكى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَلِيًّا طَعَنَهُ فِي تَرْقُوَتِهِ، حَتَّى أَخْرَجَهَا مِنْ مَرَاقِّهِ، فَمَاتَ فِي الْخَنْدَقِ، وَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَرُونَ جِيفَتَهُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ هُوَ لَكُمْ لَا نَأْكُلُ ثَمَنَ الْمَوْتَى