سؤال: ما قول أهل العلم في الحلاج الفارسي؟

Arabic Text By Feb 26, 2017


سؤال: ما قول أهل العلم في الحلاج الفارسي؟

الجواب ما قاله الحافظ ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان: ‏الحسين بن منصور الحلاج المقتول على الزندقة‎.‎‏ ما روى ولله ‏الحمد شيئاً من العلم (أي لم يكن عالماً ولا محدّثاً ولا فقيهاً)، ‏وكانت له بداية جيدة وتصوّف ثم انسلخ من الدين وتعلم السحر ‏وأراهم المخاريق‎.‎‏ أباح العلماء دمه فقُتل سنة 309 هـ. والناس ‏مختلفون فيه وأكثرُهم على أنه زنديق ضال (منهم من قال لم ‏يكن في عقله حين قال ما قال من الكلمات الخبيثة، فحكمه حكم ‏المجنون أي أنه في ذلك مرفوع عنه القلم)‏‎.‎‏ قال ابن حجر: قال ‏محمد بن يحيى الرازي: سمعتُ عمرو بن يحيى المكّي يلعنُ ‏الحلاج ويقول لو قدرتُ عليه لقتلته بيدي، قلتُ: أيش الذي وجد ‏الشيخ عليه؟ قال: قرأتُ آية من كتاب الله فقال (الحلاج) يمكنني ‏أن أؤلف مثله (والعياذ بالله). ووُجد مع تلميذ له كتاب عنوانه ‏من الرحمن الرحيم (يعني الحلاج نفسه) إلى فلان بن فلان، ‏فوُجّه إلى بغداد قال فأحضر وعُرض عليه فقال (الحلاج) هذا ‏خطي وأنا كتبتُه‎.‎‏ فقالوا له كنت تدّعي النبوة فصرتَ تدّعي ‏الربوبية، فقال: ما أدّعي الربوبية ولكن هذا عين الجمع (كلامه ‏هذا عقيدة الحلولية يعني أن الله والمخلوق شيء واحد، وهو كفر ‏بلا شك)، (وقال أي الحلاج:) هل الفاعل إلا الله وأنا واليد آلة. ‏قال ابن حجر بعد ذلك: ولا أرى يتعصّب للحلاج إلا من قال ‏بقوله الذي ذكر أنه عين الجمع، فهذا قول أهل الوحدة المطلقة ‏‏(أي وهو كفر وضلال). انتهى من لسان الميزان. ومن الناس ‏من لم يعرف حقيقة أمر الحلاج وحسّن فيه الظن، فهذا نبيّن له ‏حقيقة حاله والله المستعان.‏

كذلك طعن فيه الإمام الرفاعي وهو من أكابر الصوفية أهل ‏العلم، قال رضي الله عنه في البرهان المؤيد: ينقلون عن الحلاج ‏أنه قال أنا الحق (أي أنا الله والعياذ بالله)، أخطأ بوهمه لو كان ‏على الحق ما قال أنا الحق. يذكرون له شعراً يوهم الوحدة (أي ‏وحدة الوجود وأن الله والعالم شيء واحد وهو ضلال)، كل ذلك ‏ومثله باطل. ما أراه رجلاً واصلاً أبداً. ما أراه شرب، ما أراه ‏حضر، ما أراه سمع إلا رنة أو طنيناً فأخذه الوهم من حال إلى ‏حال.. إياكم والقول بهذه الأقاويل، إن هي إلا أباطيل. درج ‏السلف على الحدود (التزام أمر الشريعة) بلا تجاوز‎.‎‏ بالله ‏عليكم، هل يتجاوز الحدّ إلا الجاهل؟ هل يدوس عنوة في الجب ‏إلا الأعمى؟ ما هذا التطاول؟ وذلك المتطاول ساقط بالجوع، ‏ساقط بالعطش، ساقط بالنوم، ساقط بالوجع، ساقط بالفاقة، ساقط ‏بالهرم، ساقط بالعناء (يردّ على الحلاج دعواه الألوهية والعياذ ‏بالله). أين هذا التطاول من صدمة صوت “لمن المُلك اليوم” ‏‏(صوت الملَك من الملائكة ينادي بأمر الله والله منزه عن ‏الصوت والحرف واللغة العربية وغيرها، متصف بالكلام بلا ‏كيف). ‏

وقال السيد الرفاعي الكبير: العبد متى تجاوز حدّه مع إخوانه ‏يعدّ في الحضرة ناقصاً (يريد فكيف من تجاوز الحد في الأدب ‏مع الله بدعوى الألوهية كما فعل الحلاج). التجاوز علم (بفتح ‏العين واللام يريد أنه علامة) نقص يُنشر على رأس صاحبه ‏يشهد عليه بالدعوى، يشهد عليه بالغفلة، يشهد عليه بالزهو، ‏يشهد عليه بالحجاب. يتحدث القوم (الصوفية) بالنّعم (جمع ‏نعمة) لكن مع ملاحظة الحدود الشرعية.اهـ أي فمن تجاوز حدّ ‏الشريعة كان ممكوراً به وهو رأي الرفاعي في الحلاج كما هو ‏ظاهر‎.‎‏ والعجب أن بعض الناس ينقلون كلمات الحلاج الخبيثة ‏وكأن الصوفية ليس فيهم إلا الحلاج وأمثاله من الحلولية. الأقل ‏من الصوفية قبلوه واعتبروه من أهل الحال، قالوا لم يكن في ‏عقله حين قال ما قال من الكلمات الخبيثة، وإلا فقوله عن الله ‏تعالى “حتى ظننت كأنك أنّي”، هذا من أبشع الكفر والضلال ‏نعوذ بالله، من اعتقد ذلك أو استحسنه أو ظن أن الشرع يقبل ‏مثل ذلك فهو ضالّ يجبُ عليه أن يقول الشهادتين بلسانه ليرجع ‏مسلماً.‏