قال الله تعالی: “مَا كَانَ إِبرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مسلِماً وَمَا كَانَ ‏مِن المُشرِكِينَ”

Arabic Text By Feb 19, 2017

بيان فساد كلام سيد قطب (توفي سنة 1966) في ما نسبه من الكفر والضلال الی ‏نبيّ الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام.

قال الله تعالی: “مَا كَانَ إِبرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مسلِماً وَمَا كَانَ ‏مِن المُشرِكِينَ”، (آل عمران، 67). وقال تعالى: “وَاذكُر فِي الكِتَابِ إِبرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ ‏صِدِّيقاً نبِيّا” (مريم، 41). وقال تعالی: “وَلَقَد آتَينَا إِبرَاهِيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنَّا بِهِ ‏عَالِمِينَ” (الأنبياء، 51). والرشد هو التوفيق والعصمة قاله الإمام الماتريدي.

كان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام كغيره من الأنبياء عيسی وموسی ومحمد ‏وقبلهم سيدنا آدم أبي البشر عليهم الصلاة والسلام، منذ صغره ونشأته مُسلمًا مؤمنًا ‏عارفًا بربه معتقدًا عقيدة التوحيد مُنزهًا لله تعالى عن مشابهة المخلوقات، ومُدركًا أنَّ ‏هذه الأصنام التي يعبدها قومه الكفار لا تغني عنهم من الله شيئًا، وأنها لا تضر ولا ‏تنفع لأن الضار والنافع على الحقيقة هو الله تعالى وحده.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير في قول ابراهيم في القمر والشمس “هذا ربي” ‏إنه كان يستدلّ بذلك علی الكفار، “معناه هذا ربي في زعمكم واعتقادكم” يردّ عليهم، ‏وهذا على أحد الأوجه، وفي وجه آخر قال: “المراد منه الاستفهام على سبيل ‏الإنكار، إلا أنه أسقط حرف الاستفهام استغناء عنه لدلالة الكلام عليه”، أي كأنه قال ‏‏”أهذا ربي” علی سبيل الإنكار عليهم، وليس علی سبيل السؤال والشك.

أما سيد قطب فهو يضلّل نبيّ الله إبراهيم إذ يقول في كتابه الذي سماه “التصوير ‏الفني في القرآن” ما نصه: “وإبراهيم تبدأ قصته فتى ينظر في السماء فيرى نجماً ‏فيظنه إلهه (نعوذ بالله)، فإذا أفل (غاب) قال لا أحب الآفلين. ثم ينظر مرة أخرى ‏فيرى القمر فيظنه ربّه (وهذا تكفير لإبراهيم كذلك)، ولكنه يأفل كذلك فيتركه ‏ويمضي. ثم ينظر إلى الشمس فيعجبه كبرها ويظنها ولا شك إلهاً (نعوذ بالله من هذا ‏الضلال)، ولكنها تخلف ظنه هي الأخرى”.

نقول إن كلام سيد قطب هذا مناقض لعقيدة الإسلام التي تنصّ على أن الأنبياء تجب ‏لهم العصمة من الكفر والكبائر وصغائر الخسة قبل النبوّة وبعدها، وقول إبراهيم عن ‏الكوكب حين رآه “هَذَا رَبي” فهو على تقدير الاستفهام الإنكاري كما قدمنا أي كأنه ‏قال “أهذا ربي كما تزعمون”، ثم لما غاب قال “لا أحبّ الآفلين” أي لا يصلح أن ‏يكون هذا ربّاً لانتقاله من حال إلى حال فكيف تعتقدون ذلك، فهو ينكر عليهم.

ولما لم يفهموا مقصوده بل بقوا على ما كانوا عليه، قال حينما رأى القمر مثل ذلك. ‏فلما لم يجد منهم بغيته أظهر لهم أنه بريء من عبادة القمر الذي لا يصلح هو كذلك ‏للربوبية. ثم لما ظهرت الشمس قال مثل ذلك فلم ير منهم بغيته، فأيس منهم فأظهر ‏براءته من ذلك.

وأما إبراهيم في حدّ ذاته فكان يعلم قبل ذلك أن الرّبوبية لا تكون إلا لله بدليل قوله ‏تعالى: “وَلَقَد آتَينَا إِبرَاهِيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ”.

وأما سيد قطب فمعنی كلامه أن الله عرف كفر ابراهيم علی زعمه وهذا عكس ‏الآية. كلام سيد قطب هذا فيه زيادة ضلال لأن الله علم براءة إبراهيم من الشرك ‏لقوله تعالی “وكنّا به عالمين”، أما سيد قطب فيقول إبراهيم كان مشركاً وكأنه يقول ‏إن الله كان جاهلاً والعياذ بالله.

نبيّ الله إبراهيم كان معصوماً من الشرك والله يعلم ذلك كما تقول الآية. أما سيد ‏قطب المنحرف الضال فيقول ابراهيم كان مشركاً والعياذ بالله تعالی. سيد قطب يردّ ‏كلام القرآن ويردّ شهادته سبحانه لإبراهيم بكمال الإيمان والعصمة من الكفر. نعوذ ‏بالله من هذا الإفك المبين.‏