إمهات المؤمنين

Arabic Text By Dec 06, 2009

 

إمهات المؤمنين

وأمّا عَددُ أزواجِ النّبي صلى الله عليه وسلم فَقد اختَلفُوا فيه كَثيرًاوالذي صحّ منْ غَيرِ خِلافٍ أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم
تزَوّجَ إحْدَى عَشْرةَ امرَأةً كلُّهُنّ بنَى بهنّ ،وتَزوّج غيرَهُنّ ولم يَدخُل بهنّ .

وقيلَ بَنى بثلاثَ عَشْرةَ امرأةً ،وتَزوّجَ خمسَ عَشْرةَ امرأةً،وقيلَ ثمانِ عَشْرةَ .واختلَفوا في تَسميتِهنّ .

واجتَمعَ عندَه إحدَى عَشْرةَ امرأةً واختَلفُوا في واحِدةٍ مِنهُنّ فقيلَ رَيحانَةُ وقيلَ أُمّ شَرِيك ،وقيلَ إنّ رَيحانةَ كانت سُرّيّةً وأمُّ شَريك لم يتَزوّج بها ولا دَخلَ بها،وإنّما هي مِنَ اللاتي وَهَبْنَ أنفُسهُنَّ،والله أَعلَم بذلكَ .واختَلفُوا أيضًا في تقدِيم بعضِهنَّ على بعضٍ في التّزويج بهنّ.

أما المتّفقُ على أنّه بنى بهنّ فالأُولى

 

                       خَديجةُ بِنتُ خُوَيلِد رضي الله عنها القُرشيّةُ

وأمُّها فاطمةُ بنتُ زائدَةَ بنِ جُندُب.

وهيَ أوّلُ امرأةٍ تزوّجَها النبي صلى الله عليه وسلم مِن غَيرِ خِلافٍ قبلَ المبعَثِ بخمسَ عَشْرَةَ سنةً،وكانت بِنتَ أربعينَ سَنةً وهو ابنُ خمسٍ وعِشرينَ سنةً.وكانت قَبله تحتَ أبي هالَةَ هندِ بنِ زَرارة بنِ النبّاش بنِ عَدِيّ أحد بني أُسيد بن عمرو بن تميم،وقَبله عندَ عَتيق بنِ عَابد.

وهي أمُّ أولادِه كلِّهم سِوى إبراهيم بنِ مارِيَةَ القِبطِيّة.

فولدَت له القاسمُ وبه كان يُكنَى ،وعبدُ الله وهو الطّاهرُ والطّيبُ ،سُمّي بذلك لأنّه وُلدَ في الإسلام.وقيلَ إنّ الطّاهرَ والطّيّبَ اسمانِ لابنينِ،وَولَدت له منَ النّساءِ زَينبَ ورُقيّةَ وأمَّ كُلثُوم وفاطمةَ رضي الله عنهم أجمعين.

تُوفِّيت بمكّةَ ودُفِنت فيها قَبلَ الهجرة إلى المدينةِ وقَبلَ فَرضِ الصّلاةِ بخمسٍ وقيلَ بثلاثِ سِنينَ،في السّنةِ التي ماتَ فيها أبو طالبِ بنُ عبد المطّلِب وفي كلّ ذلكَ خلافٌ،وكان عمُرُها وقت وفاتها خمسًا وستّينَ سَنةً،وقيلَ خمسًا وخمسينَ في شهرِ رمضانَ سنةَ عَشرٍ منَ النّبُوة،ولم يجتَمع  معها أحدٌ من نِسائهِ صَلواتُ الله عَليهنَّ .وقيل زوّجَها منه أبوها وقيلَ عَمُّها عمرو

 

 ذِكرُ مَا وَردَ في مَناقِب أمِّ المؤمنينَ خَديجةَ رضيَ الله عنها


وهيَ أمُّ هِندٍ تُكنى بوَلدٍ كَانَ لها

قالَ يحيى بنُ أبي الأشعث الكِندي من أهلِ الكُوفة حدّثني إسماعيلُ بنُ إياس بنِ عفيفٍ عن أبيه عن جَدّه عفيف أنّه قال :كنتُ امْرَأً تاجِرًا فقَدِمتُ مِنى أيامَ الحجِّ وكانَ العبّاسُ بنُ عبد المطّلب امْرَأً تاجِرًا،فأَتَيتُه أَبْتاعُ مِنه وأَبِيعُه قال فَبَيْنا نحنُ إذ خَرج رجلٌ منْ خِباءٍ (خَيمةٍ) يُصَلّي فقَام تُجَاه الكعبةِ ،ثم خَرجتِ امرأةٌ فقَامت تُصلّي وخَرج غُلامٌ فقَام يُصلّي مَعه،فقلتُ يا عبّاسُ ما هذا الدّينُ،إنّ هذا الدّينَ ما نَدرِي ما هو .فقَال: هذا محمدُ بنُ عبد الله يَزعُمُ أنّ الله تبارك وتعالى أنزَلَه،وأنّ كُنُوزَ كِسرى وقَيصَر ستُفتَحُ عَليه،وهذه امرَأتُه خَديجةُ بِنتُ خُويلدٍ ءامَنت به ،وهذا الغُلامُ ابنُ عَمّه عليُّ بنُ أبي طالبٍ ءامنَ به.

قالَ عَفِيفٌ ولَيْتَني كنتُ ءامنتُ به يومَئذٍ فكُنتُ أكُونُ ثانيًا.

هذا حديثٌ صحيح من حديث إسماعيل بنِ إياسِ بنِِ عَفيف عن أبيه إياس عن جَدّه عفيف الكِنْدِي،أَسلَم بعدَ ذلكَ وحَسُن إسلامُه.

وقولُه ثانيًا يعني ثانيَ الرّجال.

تابَعَه إبراهيمُ بنُ سعيد عن محمد بنِ إسحاق وقالَ في الحديث :إذْ خَرجَ رَجلٌ مِن خِِباءٍ قَريبٍ منه،فنَظر إلى السّماء فلَمّا رءاها قد مَالت يعني الشّمسَ قامَ يُصلّي ثمّ ذكَر قيامَ خَديجة خَلفهُ.

وقَد صحّ أنّها أوّلُ مَن ءامن به صلى الله عليه وسلم،وقيلَ هيَ أوّل مَن ءامنَ مِنَ النّساء وأبو بكرٍ مِنَ الرِّجال وعليٌّ مِنَ الصِّبيانِ جَمعًا بَين الرِّواياتِ.

وقَد رُوي عن محمدِ بنِ إسحاقَ مِن قولهِ مُرسَلا إنها أوّلُ مَن ءامَن.

ولا شَكَّ أنّه لا يقُولُه إلا عن رِوايةٍ نُقِلَت إليه ،قالَ: وكانَت خَديجةُ أوّلَ مَن ءامنَ باللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلم وصَدّقَ بما جاءَ به .

قالَ ثمّ إنّ جبريلَ عليه السلام أتَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ افتُرِِضتِ علَيه فَهَمَز (أي ضَرب)له بعَقِِبِِه في ناحِيةِ الوادي فانفَجرت له عينٌ من مَاءٍ مُزْنٍ فتَوضّأ جِبريل ومحمدٌ عليهما السلام،ثم صلّى ركعتَين وسَجد أربعَ سَجَدَاتٍ ثم رجَع النبيّ صلى الله عليه وسلم وقَد أَقرّ الله عَينَه وطَابَت نَفسُه وجاءَه ما يُحِبُّ مِنَ الله فأخَذ بِيَدِ خَديجة حتى أَتى بها العَين فتوَضّأ كما تَوضّأ جِبريل، ثمّ ركعَ ركعَتين وأربعَ سَجَدات هو وخَديجة،ثم كانَ هو وخديجةُ يُصَلّيان سِرّا .

هَكذا ذكَره ابنُ إسحاقَ وقال حينَ افتُرِضت يعني الصلاة.

ولا شَكّ أنّ هذا حِين فُرضَتِ الصلاة ابتداءً قبلَ مُهاجَره إلى المدينة ،ثمّ زيدت، وإلا فخَديجة ماتت قبلَ أن تُفرَض الصلاةُ بخمسِ سنينَ يعني الصلوات الخمس لَيلة الإسراء ،ليكُونَ جمعًا بينَ الحديثين والله أعلم.

 ومما جاءَ في مَناقِب أُمّهاتِ المؤمِنينَ خَديجةَ

عن هِشَامِ بنِ عُروةَ عن أَبِيه عن عبدِ اللهِ بنِ جَعفَر أنّ عليّ بنَ أبي طالِب عليه السّلام قال سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:“خَيرُ نِسَائها مَريمُ بنتُ عِمرانَ وخَيرُ نِسائهَا خَديجةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ عَليهما السّلام”

هذَا حَديثٌ صَحِيحٌ مِن حَديث أبي جَعفرٍ عَبدِ الله بنِ أبي عبد الله جَعفر الطيّار عن عَمّه أميرِ المؤمنينَ أبي الحسنِ عَليّ بنِ أبي طَالِب رضِيَ اللهُ عنهُما.وصحيحٌ مِنْ رِوايةِ أبي المنذِر هِشامِ بنِ عُروةَ أبي عبد الله بنِ الزُّبَير بنِ العَوّام.

اتفقَ الأئِمّةُ على إخراجِه في الصّحيحِ.

رواه البخاري ومسلم.

قولُه: خَيرُ نِسائها” يعني نِساءَ السّماءِ والأرض.

عن هِشام بنِ عُروةَ عن أَبيه عن عائشةَ رضِي الله عنها قالت:مَا غِرتُ على امْرَأةٍ لرسولِ الله ما غِرتُ على خَديجةَ مما كنتُ أسمَعُ مِن ذِكرِه لها،وما تَزوَّجني إلا بعدَ مَوتها بثلاثِ سِنينَ،ولقَد أمرَهُ ربُّه أن يُبشّرَها ببَيتٍ في الجنّة مِن قَصَبٍ لا نَصَبَ فيه ولا صَخَبَ”

هذا حديثٌ صَحيحٌ مِن حَديثِ أبي المُنذِر هِشامِ بنِ عُروةَ،ويُقالُ أبو عُبَيد الله هِشام بنِ أبي عبدِ الله بنِ عُروةَ بنِ الزُّبير بنِ العوّام القُرشِي مِن عُلَماءِ التّابِعين وأَثبَاتِ المحَدّثينَ،رأى عبدَ اللهِ بنَ عُمر وجابرَ بنَ عبد اللهِ وزادَ البُخاريُّ في صَحيحِه:أنّه كانَ يَذبَحُ الشّاةَ ويُهدِي مِنها لِصَدائقِ خَدِيجةَ“ورواه مسلمٌ أيضًا في صَحيحِه مِن أَوجُهٍ عن هِشَام.

وفِيه منَ الفَوائدِ إخْبارُها بالمغفِرةِ لها،وأنّها مِن أهلِ الجنّةِ،وفيه دِلالةٌ على أنّ العَبدَ قَد يَعلَم مَوضِعَهُ منَ الجنّة إذا كانَ ذلكَ بشَهادةِ نَبي،كمَا أَخبر أنّ أبا بَكر الصّدّيقَ وعمرَ وعُثمانَ وعَلِيًّا شُهَداءَ،وكذلكَ شَهِدَ لهم بالجنّةِ ولِغَيرهِم منَ الصّحابة،وأمّا غَيرُ النّبي صلى الله علَيه وسلم فَلا يجُوز لهُ أنْ يَقطَع لأحدٍ بجنّةٍ أو نارٍ،سَواءٌ كانَ مُطِيعًا أو عاصِيًا.وأمّا إذا وعَد النبيُّ صلى الله عليه وسلم على عَملٍ دخُولَ الجنّةِ والمغفرةَ فعمِلَ عَاملٌ ذلكَ العَمَل فلا نَقطَعُ لهُ بالموعُودِ، لأنّا لا نَعرِفُ قَبُولَ عَمَلِه.نَعوذُ بالله منَ الحِرمانِ.والله أعلم. 

 ومن مَناقِبُ خَديجةَ رضيَ الله عَنها عن أبي زُرعَة رضي الله عنه قال سمعتُ أبا هُريرة رضيَ الله عنه قالَ أَتى جِبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسولَ الله هذه خَديجةُ أَتتْكَ مَعَها إناءٌ فيهِ إدَامٌ (طَعامٌ وشَرابٌ)فإذَا هيَ أَتتْكَ فَاقْرأْ عَليها السّلامَ مِنْ رَبّهَا ومِنّي،وبَشّرْهَا ببَيتٍ في الجنّةِ مِنْ قَصَبٍ لا صَخَبَ فيهِ ولا نَصَبَ.”هذا حديثٌ صَحيحٌ مُتّفَقٌ على صِحّتِه مِن حَديث أبي هُريرة عبدِ الرّحمنِ بنِ صَخْر الدَّوسِيّ،كانَ مِن أَحفَظِ أَصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وكانَ مِن أَهلِ الصُّفَّةِ ،ودَعا لهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالحِفْظِ وقال:اللهُمَّ حَبِّبْهُ وأُمَّهُ إلى عِبادِكَ المؤمِنينَ”رَوى عنه العَدَدُ الكَثيرُ كأبي سلَمَةَ الزُّهريّ وأَبي زُرعَةَ.رواهُ البُخاري ومسلم.

وأمّا قَولُه:مِن قَصَبٍ”القَصَبُ في هذا الحديثِ اللؤلؤ المجَوَّفُ،واسِعٌ كالقَصرِ المُنِيف.وكُلُّ عَظْمٍ أَجْوَفُ فِيه مُخٌّ فَهُوَ قَصَبةٌ.هكذا قالَهُ أهلُ اللُّغَةِ.

وقالَ شُريك بنُ عبد الله في تفسير هذَا الحديثِ:إنَّه مِن ذَهبٍ فيَحتَمِلُ أنّه أرادَ أنّه بِناءٌ مجَوَّفٌ مِنَ الذّهَبِ كالقَصرِ.

وقولُه:لا صَخَبَ“وقد رُوِي بالسّينِ أيضًا، “ولا نَصَبَ“الصَّخَبُ بالسِّينِ والصّادِ،اختِلاطُ الأصْوَاتِ وارتِفَاعُها،وقيلَ ليسَ فيهِ ما يؤذِي سَاكِنَه.

النَّصَب التَّعَبُ أي لا يَلحَقُها تَعَبٌ فِيه.

وهذَا لا يَقُولُه إلا عن النّبي صلى الله عليه وسلم ،لأنّه إخْبارٌ عن جِبريلَ،ولا يَعلَمُه إلا مِن جِهَةِ النّبيِ صلى الله عليه وسلم،وهذا كحديثِ عائشَةَ رضي الله عنها في بَدْئ الوَحْيِ.

 و من مناقِبُ خَديجةَ رَضيَ اللهُ عَنها عن وائلِ بنِ داودَ عن عبدِ اللهِ البَهِيّ قالَ قالَت عائشةُ رضي الله عنها:كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا ذكَرَ خَديجةَ لم يَكَد يَسأَمُ مِن ثَناءٍ عَلَيها واستِغفَارٍ،فذَكرَها ذاتَ يَومٍ فاحتَمَلتْني الغَيرةُ فقلتُ:لقَدْ عِوَّضَكَ اللهُ مِنْ كَبِيرةِ السّنّ،قالت فرأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم غَضِبَ غَضَبًا أُسْقِطْتُ مِنْ جِلدِي(أي نَدِمْتُ)وقلتُ في نَفسِي اللهُمّ إنّكَ إنْ أَذهَبْتَ غَضَبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عَنّي لم أَعُد أَذكُرْها بِسُوءٍ ما بَقِيتُ.فلمّا رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما لقِيتُ قال:كَيفَ قُلْتِ،واللهِ لَقد ءامنَت بي إذْ كَفَر بيَ الناس،وءاوَتني إذْ رَفَضَني النّاسُ،وصَدّقَتني إذ كذَّبني النّاسُ،ورُزِقَت مِنّي الولَدَ إذ حُرِمتُمُوه”قال فغَدَا عَليَّ بها ورَاحَ شَهرًا.رواه أحمد. 

 وعن هِشامِ بنِ عُروَةَ عن أَبيهِ عن عائشةَ قالت:مَا غِرْتُ على نِساءِ النّبي صلى الله عليه وسلم إلا على خَدِيجةَ وإنّي لم أُدرِكْهَا ،قالت وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا ذَبحَ الشّاةَ فيقُولُ:أَرسِلُوا بها إلى صَدائقِ خَدِيجةَ”،قالت فأَغضَبتُهُ يَومًا فقُلتُ خَدِيجة.فقال:إنّي رُزقتُ حُبّها“.هَكذَا رواه مسلم في صحِيحِه.

وقَد رَوى ابنُ رُزَين في مجمُوع الصَّحَاح عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال:كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ولم يَكمُل منَ النِّساءِ إلا أَربَعٌ مَريمُ بِنتُ عِمْرانَ وءاسِيَةُ امرَأةُ فِرعَونَ وخَدِيجَةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ وفَاطِمَةُ بِنتُ محمّدٍ،وفَضْلُ عَائشَةَ على النّساءِ كفَضْلِ الثّرِيدِ على سَائرِ الطّعَام“.

ولا خَفَاءَ بمسَاعَدتها النبيَّ صلى الله عليه وسلم وتَثبِيتِها لهُ عندَما بدَأَ الوَحيُ إليه وشَفقَتِها عَليه فصَلّى الله عليه ورضيَ عَنها.

  

أمهات المؤمنين سَودةُ بنتُ زَمعَة


سَودةُ بنتُ زَمعَة بنِ قيسٍ وأُمّها الشَّمُوسُ بنتِ قَيس بنِ زَيد بنِ عَمرو مِن بني النّجّار .

وتَزوّجها بعدَ الهجرَةِ،وقيلَ في شَوال قَبل مُهاجَرِه إلى المدينةِ بَعدَ وفاةِ خَديجة،وكانَت تحتَ السّكران بنِ عَمرو فأسلَم وتوفّي عَنها.

وتُوفّيَت في خِلافة مُعاويةَ سنةَ أَربعٍ وخمسِين بالمدينة .

وقيلَ إنّه تَزوّج عائشةَ قَبلَ سَودة والصّحيحُ أنّه تَزوّجَها في شوّالٍ إلا أنّه لم يَدخُل بعائشةَ إلا بعدَ سنتينِ أو ثلاثٍ .

وقال ابن حجر في الإصابة :خُطِبَت عليه سَودةُ بِنتُ زَمعَة وعائشةُ فتزوّجَهُما فبَنى بسَودَة بمكةَ،وعائشَةُ يومَئذٍ بنتُ ستِّ سِنينَ حتى بَنى بها بعدَ ذلكَ.

 

                     أمهات المؤمنين عائشة بنتُ أبي بَكرٍ الصِّدّيقِ رضي الله عنها


بنتُ أبي بَكرٍ الصِّدّيقِ عبدِ الله بن أبي قُحَافةَ وأُمُّها أمُّ رُومَان بنتُ عَامرِ بنِ عُوَيمر.هاجَرت معَ النبي صلى الله عليه وسلم وتزوّجَها بعدَ الهجرةِ وقيلَ بل في شوّالٍ سنةَ عَشْرٍ منَ النُّبوةِ قَبلَ مُهاجَره إلى المدينةِ بسَنةٍ ونِصف أو نحوِها،وكانَت بِكرًا،ولم يَنكِح بِكْرًا غَيرَها،ولم تَلِد لَهُ ولا غَيرُها منَ الحرائرِ سِوى خَديجةَ بنتِ خُوَيلدٍ.

ونَكَحها وهيَ ابنَةُ سِتٍّ وقيلَ سَبعُ سنينَ،وبنى بها وهي ابنةُ تِسعِ سنِينَ،وتُوفّي عنها وهي ابنةُ ثمَانِ عَشْرةَ.

تُوفّيَت في شهرِ رمَضانَ ليلة الثلاثاءِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مَضتْ منه وذلكَ في سَنةِ ثمانٍ وخمسينَ.وصلى عليها أبو هريرةَ نائبُ مَروانِ ابنِ الحكَم بالمدينة،ودُفِنت بالبقيع بعدَ الوِتر مِن لَيلَتِهَا.  

 من مَناقبُ عائشة عن أبي محمدٍ مَولى الغِفَارِيِّينَ أنّ عائشة قالت قلتُ للنّبي صلى الله عليه وسلم:مَن أزواجُكَ في الجنّة،قال:أَنتِ مِنهُنّ”هذا حديثٌ حسنٌ مِن حديث أبي سلَمة يوسفَ بنِ يعقوبَ بنِ عبد الله الماجِشُون.

وقد صحّ عن عمّار بنِ ياسِر أنّه قال:إنّها زَوجَتُه في الدُّنيا والآخِرة“ولا يُظَنُّ بهِ أن يَتقلّدَ هذَا القَولَ إلا بعدَ العِلمِ اليَقين بإخبارِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم لهُ.

عن مَسروقٍ قال قالت لي عائشةُ:لقدْ رأَيتُ جبريلَ واقِفًا في حُجرَتي هذه على فَرسٍ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُناجِيْه،فلَمّا دخلَ قلتُ يا رسول الله مَن هذا الذي رأيتُك تُناجِيه(أي تخاطِبُه)،قال:وهل رأَيتِه”قلتُ نَعم،قال:فَبِمَ شَبَّهتِه”قلتُ بدِحْيةَ الكَلبيّ،قال:لقَد رأيتِ خَيرًا كَثيرًا،ذاكَ جِبريلُ“قالت فمَا لَبِثتُ إلا يَسيرًا حتى قال:يا عائشةُ هذا جبريلُ يَقرأُ عَليكِ السّلامَ”قلتُ وعَليه السّلامُ،جَزاه اللهُ مِن دَخيلٍ خَيرًا”هذا حديثٌ حسن من حديثِ أبي عائشةَ مسروقِ بنِ عبد الرحمن الأجدَع الهمَدَاني الكُوفي.رواه البخاري ومسلم.

(جبريلُ عليه السلام ما كانَ يأتي رسول الله بصُورةِ بشَر إنّما كانَ يأتيهِ بغَير صُورة البشر وفي بعضِ هذه المرّات التي جاءَه فيها بغَير صُورةِ البشَر رأَتْهُ عائشةُ،ومرّةً كانَ في جمع مِنَ الصّحابةِ فدخَلَ شَخصٌ شَديدُ بَياضِ الثّيابِ شَدِيدُ سَوادِ الشّعَر لا يُظنُّ بهِ أنّه مِنْ أهلِ البَلدِ ولا أنّه مِن البَدْوِ،جَلس إلى الرسولِ فسألَه أربعةَ أسئلة ليتَعلّمَ هؤلاء الذينَ معَ الرّسولِ) .

كان أحيانا يأتيه بصورة دِحية وكان دِحيةُ من أجمل الناس.وفي هذا الحديث فضل عائشة حيث إن جبريل سلّم عليها. 

 و من مناقب عائشة عن عائشةَ قالت أَرسلَ أزواجُ النّبيِ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ بنتَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فاستأذَنَت ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم معَ عائشةَ في مِرْطِهَا(كِساءٌ مِن صُوفٍ أو غَيرِه)فأَذِنَ لها فدَخلَت فقالَت يا رسولَ اللهِ إنّ أزواجَكَ أَرسَلنَنِي إليكَ يَسأَلنَكَ العَدْلَ في ابنَةِ أبي قُحَافَةَ،فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:“أَي بُنَيّةُ أَليسَ تُحِبّينَ ما أُحِبُّ“قالت بلى يا رسول الله،قالَ:“فَأَحِبِّي هذه لعَائِشةَ”.

هذا حديث حسن من حديثِ أبي بكر محمدِ ابنِ عبدِ الرّحمن بنِ الحارث بنِ هِشَام المخزُومِيّ،سمع عائشةَ وأبا هريرةَ،رَوى عنه الشّعبيّ والزُّهري.

وفيهِ مِنَ الفِقْهِ أنّ الزَّوجَ إذا أَحَبَّ زَوجَةً لهُ دُونَ غَيرِهَا وزَادَ في كَرامَتِهَا لا جُناحَ عَلَيه،ولا يَستَحقِقْنَ التَّسوِيةَ إلا في القَسْمِ لا غَير.

مَعناهُ أنّ الرَّجُلَ إذا كانَ لهُ زَوجَتانِ أو أكثَرَ لَيسَ عَليه أن يُسوّيَ بَينَهُنَّ في المحبّةِ القَلبيّةِ ولا في الإكرام،إنّمَا الذي هو فرضٌ عَليه التَّسوِيةُ في القَسْم أي المبِيتِ،كذلكَ لا يجبُ علَيه أن يُسَوّيَ بينَهُنَّ في الهِباتِ إذا وهَبَ واحِدةً شَيئًا زائدًا عن النّفقةِ الواجِبةِ.  

ومن مناقب عائشة عن عوفِ بنِ الحَارثِ قالَ حَدثَتني رُمَيثَةُ قالت سمعتُ أمّ سلَمَة تقولُ:كَلَّمَني صَواحِبي أن أُكَلّمَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكانت أمُّ سلَمة وأمُّ حَبِيبَة بنتُ أبي سفيانَ وزينبُ بنتُ خُزيمةَ وجُوَيرية بنتُ الحارث وميمونةُ بنتُ جَحش في الجانِب الشّاميّ،وكانت عائشةُ وصَفِيّةُ وسَودَةُ في الشِقّ الآخَر،فقالت أمُّ سلَمة كلَّمَني صَواحِبي فقلنَ كلِّمِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فإنَّ النّاسَ يُهدُونَ إليهِ في بَيتِ عَائشةَ ونحنُ نُحِبُّ ما تُحِبّ فيَصرفُونَ إليهَ هَدِيّتَهُم حيثُ كانَ،قالت أمُّ سلَمَة فلمّا دخَلَ عَليّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قلتُ يا رسولَ الله إنّ صَواحِبي قَد أَمَرنَني أن أُكلّمَك تَأمُر النّاسَ أن يُهدُوا إليكَ حيثُ كُنتَ،وقُلنَ إنّا نُحبّ ما تُحِبّ عائشة،قالت فلم يُجِبني،فسألنني فقلتُ لم يرُدَّ عليّ شيئًا،فلمّا كانَت الثالثةُ عُدْتُ إليه فقال:لا تُؤذِيني في عائشةَ،فإنّ الوَحيَ لم يَنزِل عَليّ في لحِافِ واحِدةٍ مِنكُنّ غَيرِ عَائشةَ”.

هذا حديثٌ صحيحٌ متّفق على صِحته،رواه البخاري مختَصرا عن عبد الله بن عبد الوهّاب عن حمّاد عن هشام أبي المنذر عن عُروةَ بنِ الزُّبير وفيه قال عُروةُ:كانَ النّاسُ يتَحرَّونَ بهداياهُم يومَ عائشةَ، قالت عائشةُ واجتَمع صواحِبي إلى أمّ سلَمة فذكره.

وأمّا كَونُ أمّ سلَمة هي المتكلّمَة عنهنّ فلأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دَعا لها بذهَابِ غَيرتها وذهَبتِ الغَيرةُ عنها،رضي الله عنهنّ أجمعين.

 و مما وَردَ في مَناقِبِ أُمِّ المؤمنينَ عَائشةَ الصِّدّيقَةَ رضيَ اللهُ عَنهَا

عن هِشامِ بنِ عُرْوةَ عن أبيهِ عن عائشةَ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:أُرِيْتُكِ في المنَامِ مَرّتَين،أَرَى أنّ رَجُلا يَحمِلُكُ في سَرَقَةِ حَريرٍ فيَقُولُ هَذِه امرَأَتُكُ فَأكْشِفُ فَأَراكِ،فأَقُولُ إنْ كانَ هَذا مِن عِندِ اللهِ يُمْضِه

اتّفقَ الأئمّةُ على صِحّته،رواه البخاريُّ ومسلم.

وقَولُه”سَرَقَة حَرير بفتح الرّاء وهيَ الشّقَّةُ،ويُمْضِه يُتْمِمْهُ واللهُ أعلَمُ.ومَنامُ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمنزِلَةِ الوَحيِ.

وقَد رُوِيَ مُرسَلا وأَتمَّ مَتْنًا مِنْ هَذَا وذلكَ فِيمَا رواه حَبِيبٌ مَولى عُروةَ قَال:لما ماتَت خَديجةُ حَزِنَ عَلَيها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُزْنًا شَدِيدًا،فبَعثَ اللهُ جِبريلَ فَأتَاهُ بعَائشةَ في مَهدٍ فقَالَ يا رسولَ الله هَذه تَذهَبُ ببَعضِ حُزنِكَ،وإنّ في هَذِه خَلَفًا مِن خَديجةَ،ثمّ رَدّهَا، فكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَختَلِفُ إلى بَيتِ أبي بَكرٍ ويقولُ:يا أمَّ رُومَان استَوصِي بعَائِشةَ خَيرًا واحْفَظِيني فِيها”،فكانَ لعَائشةَ بذَلكَ مَنزِلةٌ عندَ أَهلِهَا ولا يَشعُرُونَ بأَمرِ اللهِ فِيهَا،فأَتاهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَومًا في بَعضِ مَا كانَ يَأتِيهِم،وكانَ لا يُخطِئُه يَومٌ واحدٌ أن يأتيَ إلى بيتِ أَبي بَكر مُنذُ أَسلَم إلى أن هَاجرَ فيَجِدُ عَائشَةَ مُتَسَتّرَةً ببابِ دَارِ أَبي بَكرٍ تَبكِي بُكَاءً حَزِينًا،فسَأَلها فشَكَت إلَيه أُمَّها،وذَكَرتْ أَنّهَا تُولَعُ بها،فدَمَعَتْ عَيْنَا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم،ودخَلَ على أُمِّ رُومَان فقال:يَا أُمَّ رُومَان أَلم أُوصِيْكِ بعَائِشَةَ أن تَحفَظِيني فيهَا“،فقالت يا رسولَ الله إنّها بَلَّغَتِ الصَّدِيقَ عَنّا فأَغْضَبَتْهُ عَلينَا،فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:وإنْ فَعَلَت”،قالت أمُّ رُومَان لا جَرَم لا سُؤتُها أبدًا، وكانت عائشةُ وُلِدَت السّنَة الرّابعة مِنَ النُّبوة في أَوّلها.

هذَا حديثٌ مُرسَلٌ مِن حديثِ حَبِيبٍ مَولى عُروةَ عن الزُّبَير رواه ابنُ سَعدٍ عنه في طبقَاتِه.ولا يقولُ هذا واللهُ أعلَمُ إلا عن إخبارٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنّه لم يَكُن حَاضِرًا وَقتَ تَزوِيجِ عائشةَ فكَيفَ قَبلَهُ،ولأنّ فِيهِ إخبَارًا عن جِبريلَ وذلكَ لا اطّلاعَ لَهُ ولا لِغَيرِه عَلَيه سِوَى النّبي صلى الله عليه وسلم،وهذا قَبلَ نُزُولِ ءايةِ الحِجَاب لأنها نَزلَت بَعدَ مُهَاجَرِه إلى المدينةِ لمَّا أشَارَ عَليه أميرُ المؤمنينَ عُمَرُ بنُ الخَطّاب بذلك،والله أعلم.

 

                    أمهات المؤمنين الرّابعَةُ حَفصَةُ بنتُ عُمرَ بن ِ الخطّاب رضيَ الله عَنها


حَفصَةُ بنتُ عُمرَ بن ِ الخطّاب بن ِ نُفَيل ،وأُمُّها زَينبُ بِنتُ مَظعُون بنِ حَبيبِ بنِ وَهبٍ.

مَولِدُها قَبلَ بَعثِ النّبي صلّى الله عليه وسلم بخَمسِ سِنينَ،كانَت تحتَ خُنَيسِ بنِ حُذافَة بنِ قَيسِ بنِ عَدِيّ فتُوُفّي عنها.

وتَزوّجها النبيّ صلى الله عليه وسلم في شَعبانَ على رأسِ ثَلاثينَ شَهرًا منَ الهِجرَةِ قَبلَ أُحُد،في سنةِ ثلاثٍ وقيلَ سنةِ اثنتَينِ.

توُفّيت في شعبانَ سنةَ خمسٍ وأربعينَ في خِلافةِ مُعاويةَ وهي ابنةُ سِتّين سنةً،صلى علَيها مَروانُ ودُفِنت بالبقيع.

 

من أمهات المؤمنين الخامسةُ أمُّ سَلَمةَ بنتُ أبي أُمَيّة هِند رضي الله عنها


أمُّ سَلَمةَ هِند بنتُ أبي أُمَيّة سُهَيلِ بنِ المغيرةِ بنِ عبدِ الله،وأُمُّها عاتِكَةُ بنتُ عامِرِ ابنِ ربيعةَ،وكانت قُرشيّةً مخزُوميّةً،وكانت قَبلهُ تحتَ أبي سَلَمة عبدِ الله بنِ عبدِ الأسَدِ بنِ هلالٍ،فتُوُفّيَ عنها.

وتزوّجَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في شَوّالٍ سَنةَ أَربعٍ وتوُفّيَت في ذِي القَعدةِ سنةَ تِسعٍ وخمسينَ وكان لها يومَ ماتَت أربعٌ وثمانونَ سَنةً  صَلّى عليها أبو هريرة ودُفِنت بالبقيع.

      

              السَّادسَةُ جُويريةُ بنتُ الحارثِ رضي الله عنها


بنتُ الحارثِ بنِ أبي ضِرار،مِن خُزاعة.

وكانت تحتَ مالكِ بنِ صَفوان،وقيلَ مُسافِع بنِ صفوان،فقُتِل يوم المُرَيْسِيْع.

وتزوّجَها النبي صلى الله عليه وسلم بَعدَ أن أعتَقَها،وذلكَ بعدَ غَزوة المُرَيْسِيع وكانت ابنةَ عِشرينَ سنة .

وتُوُفِّيت وهي ابنةُ خمسٍ وسِتّينَ سنةً، وذلكَ في شَهر رَبيعٍ الأوّل سنةَ سَبعٍ وخمسينَ في خِلافَةِ مُعَاويةَ،وقيلَ سَنةَ سِتّينَ،وصَلّى علَيها مَروانُ بنُ الحكَم وَالي المدِينة.

     

                  السابعة زينب بنتُ جَحشِ رضي الله عنها


بنتُ جَحشِ بنِ رِئاب،وأمّها أميّةُ بنتُ عبدِ المطّلِب بنِ هاشِم،وكانت تحتَ زَيد بنِ حَارِثةَ بنِ شَراحِيل .

تَزوّجَها النّبي صلى الله عليه وسلم في ذِي القِعدةِ سنةَ خمسٍ من الهجرة وهي يومئذٍ بنتُ خمسٍ وثلاثين سنةً،وتُوُفّيت وهيَ ابنةُ ثلاثٍ وخمسينَ سنةً،ودُفِنَت بالبقيع وصلّى علَيها عُمرُ بنُ الخطّاب رضي الله عنه ،وهي أوّلُ أزواجِه مَوتًا أي بَعدَه صلى الله عليه وسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت:يَرحَمُ اللهُ زَينَبَ بِنتَ جَحشٍ لَقد نَالَت في هَذه الدّنيا الشّرَفَ الذي لا يَبلُغُه شَرفٌ،إنّ اللهَ زَوّجَها نَبِيَّهُ في الدُّنيا ونطَقَ به القُرءانُ ،وإنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسلّم قالَ لَنَا ونحنُ حَولَهُ:أَسرَعُكُنَّ بي لُحُوقًا أَطوَلُكُنَّ بَاعًا.فبشَّرَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِسُرعةِ لُحُوقِهَا بهِ،وهيَ زَوجَتُه في الجنّةِ .

هذا حديث حَسنٌ عن أمّ المؤمنينَ عائشةَ رضي الله عنها .رواه ابنُ عساكر.

وقَد روي:أَطوَلُكُنّ يَدًا.قالت فَكُنّا نُقدِّرُ بَينَ أَيدِينا،فَلمّا ماتَت زينَبُ عَرفنَا أنّه يُرِيدُ الصّدقَة.

ورَوى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أَسرَعُكُنَّ لحاقًا بي أطوَلُكُنَّ يَدًا .قالت فكُنَّ يَتطَاوَلْنَ أَيّتُهُنّ أَطوَلُ يَدًا .قالَت فكَانَت أطْولَنا يَدًا زينبُ لأنها كانَت تَعمَلُ بيَدِهَا وتَصَدّقُ .والمعنى أنهُنّ ظَننّ أوّلا أنّ المرادَ بطُولِ اليَدِ الحقيقةَ وهيَ الجارحَةُ فكُنَّ يَذرَعنَ أيديَهُنّ بقصَبَةٍ ،فكانَت سَودَةُ رضي الله عنها أطولَهُنّ جارحَةً ،وكانت زينبُ رضي الله عنها أطولَهُنّ يدًا في الصّدقة وفِعلِ الخَير ،فماتَت زينبُ أوّلَهُنَّ.

وقيلَ إنّ سَودةَ هي المتوفّاةُ بَعدَهُ، والدّعاء بسرعةِ اللُّحوقِ كانَ لها إلا أنّ هذا أشهرُ وأوضَحُ .

وقولها:وهيَ زوجَتُه في الآخِرة.لا تقُولُه إلا بعدَ سماعٍ مِنه صلى الله عليه وسلم .وفي الحديثِ دليلٌ على صِدقِه ومُعجِزَتِه إذ أخبَر بما لم يكن فكَان كما أخبرَ.كما في حقِّ فاطمةَ رضيَ اللهُ عنها فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ لها: أنتِ أوّلُ أهلِي يَلحَقُ بي.

 

               الثّامنة زينبُ بنتُ خُزيمةَ رضي الله عنها


بنتُ خُزيمةَ بنِ الحارثِ بنِ عبد الله بنِ عمرو بنِ عبدِ مَناف.

وهي أمُّ المساكين،كانت تُسمّى بذلكَ في الجاهلية،وكانَت تحتَ الطُّفَيل بنِ الحارث بنِ المطَّلِب،فطلّقَها وتزوّج بها عُبيدةُ بنُ الحارثِ وقُتِل يومَ بَدرٍ شَهيدًا .

وتزوّجَ بها النبي صلى الله عليه وسلم على رأسِ أَحدٍ وثلاثينَ شهرًا منَ الهجرة،فمَكثت عندَه ثمانيةَ أشهُرٍ،وتوفِّيَت في ءاخِر ربيعٍ الآخِر على رأسِ تِسعٍ وثلاثينَ شَهرًا منَ الهجرة،وصلّى علَيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ودُفِنَت بالبقيعِ،وكان سِنُّها يومَ تُوفّيت نحوَ ثلاثينَ سنةً .كذا ذكره ابنُ سَعد.

 

 أمهات المؤمنين التاسعة أمُّ حَبيبةَ رَمْلَةُ بنتُ أبي سُفيان رضيَ الله عنها


أمُّ حَبيبةَ رَمْلَةُ بنتُ أبي سُفيان صخرِ بنِ حربِ بنِ أُميّة،وأُمُّها صفيّةُ بنتُ أبي العاصِ بنِ أُميّة،كانت تحتَ عُبيدِ الله بنِ جَحش بنِ رِئاب،توُفّيَ بأرضِ الحبشَةِ بعدَ أن ارتَدّ.

وتزَوّجَها النبيّ صلى الله عليه وسلم سنةَ سَبعٍ منَ الهِجْرة،وهي التي أَصْدَقَها النّجَاشيُّ عنهُ صلى الله عليه وسلم،وكانَ لها يومَ قَدِم بها المدينةَ بِضعٌ وثلاثونَ سَنةً.

تُوفّيت في سَنةِ أربعٍ وأربعينَ في خِلافةِ أخِيها مُعاوِية.


العاشرةُ صَفِيّةُ بنتُ حُيَيِّ رضيَ الله عنها


صَفِيّةُ بنتُ حُيَيِّ بنِ أخطبَ من ولدِ هارونَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم،وأُمُّها بَرَّةُ بِنتُ سَمَوءَل أُختُ رِفاعَة .

وكانَت تحتَ سلامِ بنِ مَشكَم القُرَظيّ،ثمّ خَلَفَ عليها كِنانَةُ بنُ الرَّبيع بنِ أبي الحُقَيق .

سَباهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن خَيبَر وكانت عَرُوسًا،وأعتَقَها وتَزوَّجَها بَعدَ مَرجِعِه مِن خَيبَر،وكانَ يَقسِمُ لها ولجُوَيرِية بنتِ الحارث،وكانَ سِنُّها وقتَ سَباهَا نَحوَ سَبْعَ عَشْرةَ سنَةً .

تُوُفِّيت سنةَ اثنتينِ وخمسينَ منَ الهِجرةِ ،وقيلَ سنةَ خمسينَ، في خلافةِ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيان.ودُفِنَت بالبَقِيع. 

  

أمهات المؤمنين الحادية عشرة ميمونة بنتُ الحارث رضي الله عنها


ميمونة بنتُ الحارث بنِ حَزَن بنِ بُجَير، وأمُّها هندٌ بنتُ عوفِ بنِ زُهَير .

وكانت تحتَ مَسعودِ بنِ عمرو بنِ عبدِ نَائلٍ الثّقفِي في الجاهِليّة وفَارقَها،ثم خَلَفَ عليها أبو رُهْم بنُ عبد العُزّى بنِ أبي القيس فتُوُفّي عنها ،فتزوّجها النّبي صلى الله عليه وسلم.

وهيَ ءاخِرُ نِسائه تَزويجًا ومَوتًا، وقيلَ إنّها ماتَت قبلَ عَائشةَ رضي الله عنها ،وردَ ذلكَ في حديثٍ صَحيح عن عائشةَ، وهي خَالةُ عبدِ الله بنِ عَبّاس ،ونَكحَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَنةِ سَبْعٍ سَنةِ عُمْرةِ القَضاءِ .

وتُوُفّيت في سَنةِ إحْدَى وسِتّين في خِلافَةِ يَزيد بنِ مُعاوية،كَذا ذكَره ابنُ سعْد، وكانَ عُمُرُها نحوُ ثمانينَ سَنةً أو إحْدَى وثمانِينَ،ودُفِنت بِسَرِف في القُبّة التي بنى بها فِيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كما أخبرَ بذلكَ،وقيلَ ماتت بمكة ونُقِلَت إلَيها.

وهيَ منَ اللاتي وهَبنَ أنفُسَهُنّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابنُ إسحاقَ ويُقال إنّها وهَبت نفسَها للنبيّ صلى الله عليه وسلم وذلكَ أنّ خُطبَة النّبي صلى الله عليه وسلم انتَهت إليها وهيَ على بَعِِيرِها فقَالت البَعيرُ وما علَيه لله ورسوله.رضي الله عنها ،فأنزل اللهُ عزّ وجل :وامرأةً مؤمِنةً إن وهَبتْ نَفْسَها للنبيّ”.والمعنى أحْلَلنَا لكَ مَن وقَعَ لها أن تهَبَ لكَ نَفسَها ولا تَطلُبَ مَهرًا مِنَ النّساء المؤمناتِ إن اتفَقَ ذلكَ.

ويُقال التي وهبت نفسَها للنبي صلى الله عليه وسلم زينبُ بنت جحش رضي الله عنها ، ويُقال أمّ شَرِيك غُزِّيّة بنتُ جابر بنِ وهب، ويقال غيرُها،ذكره ابن إسحاق.

وماتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن تِسعٍ مِن هؤلاءِ وهُنَّ

سَودةُ وعائشةُ وحَفصَةُ وأمُّ سَلمَة وجُويريةُ وزَينَبُ بنتُ جَحش وأمُّ حَبيبة وصَفِيّة وميمُونة .وكلُّ واحِدةٍ من هؤلاء اتفق النّقَلة على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم تزوّجَها وبَنى بها .

واتّفَقوا على أنّه ماتَ عن التّسعِ المذكُوراتِ ،واختلَفُوا في التّقديم والتّأخِير،وذلكَ اختلافٌ لا يَضُرّ .

واجتمَع عندَه جميعُ المذكوراتِ سِوى خديجة فإنّها ماتَت ولم يتزَوّج معها غَيرَها.

وزادَ بعضُهم إنّه اجتمَع عندَه إحدَى عشْرة امرأةً،فقالَ بَعضُهم هي أمُّ شَرِيك بنتُ جابر ،ورَيحانة بنتُ زيدِ بنِِ عَمرو،وقيلَ إنّها لم تزَل سُرّيّة وهو الصحيحُ.