قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: “إذَا نَظَرَ أَحَدُكُم إلى مَنْ فُضِّلَ علَيه في الْمَالِ والخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إلى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْه، فذَلِكَ أَجدَرُ أَنْ لا تَزدَرُوا (أي تَحتَقِروا) نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم” رواه البخاري ومُسلِم والتِ

Arabic Text By Feb 01, 2017


عن أبي هُريرَةَ رَضِي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: “إذَا نَظَرَ أَحَدُكُم إلى مَنْ فُضِّلَ علَيه في الْمَالِ والخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إلى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْه، فذَلِكَ أَجدَرُ أَنْ لا تَزدَرُوا (أي تَحتَقِروا) نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم” رواه البخاري ومُسلِم والتِرمذي وغيرُهم.

قَوْلُ النبيّ {إذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ} هُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَقَوْلُهُ {فَلْيَنْظُرْ إلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ} أَيْ أَسْفَلَ مِنْ النَّاظِرِ فِي الْمَالِ وَالْخَلِْق.

وَخَرَجَ بِذِكْرِ الْمَال وَالْخَلْقِ مَا إذَا نَظَرَ لِمَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَمُعَالَجَةِ النَّفْسِ بِدَفْعِ الْأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ وَجَلْب الأخلاقِ الْحَسَنَةِ، فَهَذَا يَنْبَغِي النَّظَرُ فِيهِ إلَى الْفَاضِلِ لِيُقْتَدَى بِهِ دُونَ قليل الحظ من ذلك لِأَنَّهُ يَتَكَاسَلُ لو نظر إليه، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِيهِ إلَى ذي المال والثراء لِمَا فِيهِ مِنْ احْتِقَارِ قليل المال لنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نِعْمَة الله عَلَى ذَاكَ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ.  وَهَذَا أَدَبٌ حَسَنٌ أَدَّبَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ مَصْلَحَةُ دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَعُقُولِنَا وَأَبْدَانِنَا وَرَاحَةِ قُلُوبِنَا فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ نَصِيحَتِهِ أَفْضَلَ مَا جَزَى بِهِ نَبِيًّا.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا حَدِيثٌ جَامِعٌ لِأَنْوَاعٍ مِنْ الْخَيْرِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا رَأَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طَلَبَتْ نَفْسُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَاسْتَصْغَرَ مَا عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَرَصَ عَلَى الِازْدِيَادِ لِيَلْحَقَ بِذَلِكَ أَوْ يُقَارِبَهُ، وهَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي غَالِبِ النَّاسِ، وَأَمَّا إذَا نَظَرَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا إلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِيهَا ظَهَرَتْ لَهُ نِعْمَةُ اللَّهِ عليه فَشَكَرَهَا وَتَوَاضَعَ وَفَعَلَ الْخَيْرَ.اهـ.

وَمِنْ هُنَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ اجْتِنَابُ الِاخْتِلَاطِ بِأَهْلِ الدُّنْيَا وَالتَّوَسُّعُ مِنْهَا وَمِنْ كَسْبِهَا وَنَعِيمِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ إلا ما كان فيه مصلحة شرعية، ولم نقل إن مجرد مخالطتهم حرام. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَالَسْت الْأَغْنِيَاءَ فَاحْتَقَرْت لِبَاسِي إلَى لِبَاسِهِمْ وَدَابَّتِي إلَى دَوَابِّهِمْ، وَجَالَسْت الْفُقَرَاءَ فَاسْتَرَحت. أرجو الدعاء، اللهم اجعلنا من عبادك المتواضعين وأحسن خاتمتنا يا ارحم الراحمين، آمين