عقيدة المسلمين أهل السّنّة والجماعة

Arabic Text By Jun 07, 2016

عقيدة المسلمين أهل السّنّة والجماعة

أفضل الأعمال إيمان بالله ورسوله، أمر العقيدة الإسلامية مهمّ جدّا وقد أَوْلاهُ الرّسول والصّحابة ومَن جاء بعدهم مِن أهل العلم اهتمامًا عظيمًا لأنّه الأصل الذي به وبالإخلاص تُقبل الأعمال عند الله وبدونه لا يَقبل الله من أحد عملًا. ومن العقيدة الصحيحة تنزيه الله عن المكان والجهات كنّا جاء في القرآن والحديث وأقوال السّلف والخلف الصالحين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى غنيّ عن العالمين، أيْ مستغنٍ عن كل ما سواه من المخلوقات، ولا يحتاج إلى أحد من مخلوقاته، موجود أزلًا وأبًدا بلا مكان، ويكفي في تنزيه الله تعالى عن المشابهة لخلقه وعن الاحتياج إلى المكان أو أن يجري عليه زمان قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ). وقال اللهُ تعالى: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)، قال القرطبي في تفسيره: (قال ابن عبّاس: يريد هل تعلم له ولدًا أي نظيرًا أو مثلًا) ا.هـ  وقال اللهُ تعالى: (وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُوًا أَحَد) أي ليس له سبحانه شبيه ولا مثيل ولا نظير.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم يكن شىء غيره وكان عرشه على الماء). قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث: (والمراد بكان في الأول الأزلية وفي الثاني الحدوث بعد العدم) ا.هـ، فالله لم يزل موجودًا في الأزل، ليس معه غيره، لا ماء ولا هواء ولا أرض ولا سماء ولا كرسيّ ولا عرش ولا إنس ولا جنّ ولا ملائكة ولا مكان ولا جهة ولا زمان، فهو تعالى موجود قبل المكان بلا مكان، وهو الذي خلق المكان، وخلق العرش، فليس بحاجة إلى أحد من خلقه .

قال الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: “من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود” ا.هـ رواه أبو نعيم في حلية الأولياء .والمحدود ما له حجم صغر أو كبر

قال الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ” كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان” رواه أبو منصور البغدادي في كتابه الفَرق بين الفرَق.

قال الإمام أبو جعفر الطحاوي المولود سنة 227 هـ المتوفّى سنة 321 هـ:  “تعالى (يعني الله) عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات ولا تحويه الجهات الستّ كسائر المبتدعات” ا.هـ. وقال: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر” ا.هـ .

المحدود عند علماء التّوحيد ما له حجم صغيرًا كان أو كبيرًا، الحدّ عندهم هو الحجم إن كان صغيرًا وإن كان كبيرًا، الذّرة محدودة والعرش محدود والنّور والظلام والرّيح والرّوح كل محدود.

قال الشيخ عزّ الدين بن عبد السّلام: “ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الأرضون و لا السّماوات، كان قبل أن كوّن المكان ودبّر الزّمان، وهو الآن على ما عليه كان” ا.هـ. (من كتاب طبقات الشافعيّة الكبرى لتاج السّبكي).

قال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام رحمه الله: “استوى على العرش المجيد على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده استواءً منزّهًا عن المماسّة والاستقرار والتّمكن والحلول والانتقال فتعالى الله الكبير المتعال عمّا يقوله أهل الغيّ والضّلال بل لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته” ا.هـ .

– قال الإمام أبو المظفّر الأسفراييني عن الله تعالى: “وأن تعلم أنّه لا يجوز عليه الكيفيّة والكميّة و الأينيّة، لأنّ من لا مثل له لا يمكن أنْ يُقال فيه كيف هو، ومن لا عدد له لا يقال فيه كم هو، ومن لا أوّل له لا يقال له ممَّ كان، ومن لا مكان له لا يقال فيه أين كان” ا.هـ. (من كتابه التّبصير في الدّين صفحة 144).

– قال الشيخ العلامة أبو المحاسن القاوقجي الطرابلسي المتوفّى سنة 1305هـ في نَفْيِهِ الحيّز والمكان عنِ الله وفي تِبيانه لمعنى قوله تعالى: “ليس كمثله شىء”. “لو كان له جهة أو هو في جهة لكان متحيّزًا وكل متحيّز حادث و الحدوث عليه محال” ا.هـ . وقال أيضًا: “فلا يقال له يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمام ولا فوق العرش ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا داخل في العالم ولا خارج عنه ولا يقال لا يعلم مكانه إلا هو” ا.هـ .

قال الإمام أحمد الرّفاعي رضي الله عنه في شرح قوله تعالى: “ليس كمثله شىء”: “والله تعالى كان ولا مكان ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا على مكان ولا في مكان، بل كان جلّت عظمته ولا زمان ولا مكان”. ا.هـ

– قال الإمام أحمد الرّفاعي رضي الله عنه في البرهان المؤيّد: “أي سادة نزّهوا الله عن سِمات المحدثين وصفات المخلوقين وطهّروا عقائدكم عن تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم للحلول تعالى الله عن ذلك، وإيّاكم والقول بالفوقيّة والسفليّة والمكان واليد والعين بالجارحة والنّزول بالإتيان والانتقال” ا.هـ .

قال الإمام أحمد الّرفاعي رضي الله عنه: “إذا قلتم لا إله إلّا الله فقولوها بالإخلاص الخالص من الغيرية ومن خطورات التّشبيه والكيفيّة والتّحتيّة والفوقيّة والبعديّة والقربيّة “.

قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه : “مهما تصوّرت ببالك فالله بخلاف ذلك” ا.هـ .

قال الإمام النّسفي (461-537 هـ) في العقائد ما نصّه (عن الله سبحانه وتعالى) “ليس بعرض، ولا جسم، ولا جوهر، ولا مصوّر، ولا محدود، ولا معدود، ولا متبعّض، و لا متحيّز، ولا متركّب، ولا متناه، ولا يوصف بالماهية، ولا بالكيفيّة و لا يتمكّن في مكان، و لا يجري عليه زمان ولا يشبهه شىء” ا.هـ. والمحدود عند علماء التّوحيد واللغة ماله حجم إن كان كبيرًا وإن كان صغيرًا فالعرش له حجم لا يعلمه إلا الله لكنّه مخلوق، أمّا الله سبحانه فلا يوصف بالحجم، ولا بالجسم ولا بالكيفيّة أي لا يوصف بصفات المخلوقين. وانظر قوله: “ولا يتمكّن في مكان ولا يجري عليه زمان” معناه: الله موجود بلا مكان فليس ساكنًا في السّماء ولا جالسًا على العرش وليس له بداية، سبحانه عزّ وجلَّ.

قال الشيخ عبد الغني النّابلسي (توفّي سنة 1143 هـ) في كتابه “شرح إضاءة الدّجنّة في عقائد أهل السنّة” عن الله عزَّ وجلَّ ما نصه: “فيتنزّه سبحانه وتعالى عن جميع الأزمنة الحاضرة والماضية والمستقبلة، وكذلك عن جميع الأمكنة العلويّة والسفليّة وما بينهما” ا.هـ .

قال الشيخ عبد الله الصديق الغماري رحمه الله: “كان الله ولم يكن شىء غيره، فلم يكن زمان ولا مكان ولا قُطر ولا أوان ولا عرش ولا ملك ولا كوكب ولا فلك، ثم أوجد العالم من غير احتياج إليه، ولو شاء ما أوجده” ا.هـ.

أماتنا الله على عقيدة الأنبياء وحشرنا معهم وجمعنا مع سيّد الأوّلين والآخرين في جنّات النّعيم.