إنْ كانَ الكَلامُ مِنْ فِضّةٍ فالسُّكوتُ مِنْ ذَهَبٍ

Arabic Text By Sep 12, 2010

إنْ كانَ الكَلامُ مِنْ فِضّةٍ فالسُّكوتُ مِنْ ذَهَبٍ

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.

قال الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله نهار الجمعة 28/7/2000 وقت الضحى.

 

 إنْ كانَ الكَلامُ مِنْ فِضّةٍ فالسُّكوتُ مِنْ ذَهَبٍ

 


 

طولُ السُّكوتِ فيهِ حِفظُ الدِّينِ، فيهِ سَلامَةٌ مِنَ مَعاصِي اللسان. ذُنوبُ اللِّسانِ أكثَرُ مِن ذنوبِ اليَدِ والعَينِ والرِّجلِ والبَطن.

الكَذِبُ مِن ذُنوبِ اللِّسان. وشَتمُ المسلم مِن ذُنوبِ اللسان. وإيذاءُ المسلِم بالقَولِ كذلكَ، والغِيبةُ مِن ذنوبِ اللّسان. وكثيرٌ منَ الكَلامِ يُوقِعُ في المعصِية.

ثمّ المسلِمُ إذا كانَ طَويلَ السُّكوتِ شَيطَانُه يَغضَبُ لأنَّ شَيطَانَهُ يحِبُّ لهُ أن يكونَ كثيرَ الكَلام. لأنّهُ إنْ أَكثَر مِنَ الكَلامِ قَد يَرمِيهِ في المعَاصِي قَد يَرمِيهِ في الكُفر أو في مَعصِيةٍ كبِيرةٍ أو في مَعصِيةٍ صَغِيرةٍ. لذلكَ طُولُ الصّمتِ مُهِمّ ولا تُبالي إنْ عَيّرَك النّاسُ. النّاسُ اليومَ إنْ جَلَس مَعهُم واحِدٌ يُطِيلُ الصّمتَ. يقُولونَ: هَذا مَا عِندَه فَهمٌ لوْ كانَ عِندَهُ فَهمٌ لتَكَلَّمَ كثِيرًا. العَاقِلُ لا يُبالي بما يقولونَ.

قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: { عَليكَ بطُولِ الصّمتِ إلا مِن خَير فإنّهُ مَطْرَدَةٌ للشّيطَانِ عَنكَ وعَونٌ لَكَ على أَمرِ دِيْنِك}رواه الطبراني والبيهقي. يُروَى أنّ سيّدَنا سُلَيمانَ عليهِ السّلام قال: { إنْ كانَ الكَلامُ مِنْ فِضّةٍ فالسُّكوتُ مِنْ ذَهَبٍ }.هذا يُروَى عن سيّدِنا سُليمَانَ ليسَ عن سيّدِنا محمّد.

عُلمَاءُ التّوحيدِ يقُولونَ:” التّوحيدُ إثباتُ ذاتٍ غَيرِ مُشْبِهٍ للذّواتِ ولا مُعَطَّلٍ عنِ الصِّفَاتِ”

الذّاتُ بالنّسبةِ للمَخلُوقِ الحَجْمُ. المخلُوقُ ذاتٌ، حَجْمٌ. ثمّ هَذا الحجمُ إمّا كثِيفٌ وإمّا لطِيفٌ. الذّاتُ بالنسبةِ للمَخلُوقَاتِ هَذانِ، إمّا حَجمٌ كثيفٌ وإمّا حَجمٌ لطِيفٌ.

أمّا الصِّفةُ فهوَ ما يقُومُ في الحَجم، بالنّسبةِ للمَخلُوقِ هذا الحجمُ اللطيفُ والحَجمُ الكثيفُ لهُ صِفاتٌ كالصِّغَر والكِبَرِ واللَّونِ والحَركةِ والسُّكون. ذاتُ المخلُوقِ إنْ كانَ كثِيفًا وإن كانَ لطِيفًا لهُ هذِه الصّفات وغيرُها. يتَغيَّرُ مِن حَالٍ إلى حَالٍ، لأنّهُ حاَدثٌ لأنّه وُجِدَ بَعدَ أن كانَ مَعدُومًا.

ومِن جملَةِ صِفاتِ الحَجمِ الكثيفِ أو اللطِيف سِوَى الحَركَةِ والسّكُون، اللونُ والحَرارةُ والبُرودَةُ. الإنسانُ ذَات،ٌ حَجْمٌ كثِيفٌ لهُ صِفاتٌ حَركَاتٌ ولَونٌ ونحوُ ذلكَ.

والنُّورُ أيضًا ذاتٌ، أي حَجمٌ لطِيفٌ لهُ صِفَاتٌ. لأنَّهُ قَد يَكُونُ لَونُه أَبيضَ،قَد يَكونُ لَونُهُ أَحمرَ قَد يكُونُ لَونُه أَصفَرَ أو أخضَرَ.

بَعضُ النّاسِ الذينَ قلُوبهُم نَيِّرَةٌ لمّا يَزُورُونَ الرّسولَ في المدينةِ يَرَونَ في  الفَضَاءِ أَنوارًا مُتلاطِمةً نُورًا أخضَر ونُورًا أبيضَ ونُورًا أَصفَرَ ونُورًا أحمَرَ.

ثمّ الحَجمُ اللطِيفُ كالضّوءِ قَد يكونُ حَجمُه، مِساحَتُه قَصِيرَةً وقَد يَكُونُ مِساحَتُه واسِعةً. نُورُ الشّمسِ مِساحَتُه واسِعةً، نُورُ الكَهرباء مِساحَتُه أقَلّ، نُورُ الشّمعَةِ مِسَاحَتُهُ أقَلّ. هَذِه مِن صِفاتِ الحَجْم اللّطِيف.

أمّا اللهُ تَعالى ذاتُه ليسَ حَجمًا لطِيفًا ولا حَجمًا كثِيفًا. لا يمكِنُ تَصَوُّرُه في النّفسِ، لأنّنا تَعوَّدْنَا الحَجمَ الكَثيفَ والحَجمَ اللّطِيف. فنَتصَوّرُ الحجمَ اللطِيفَ ونتصَوَّرُ الحجمَ الكثِيفَ.لكنّ اللهَ تبَاركَ وتَعالى لكَونِه ذاتًا غَيرَ حَجمٍ لطِيف وغَيرَ حَجمٍ كثِيفٍ نؤمِنُ بأنّهُ مَوجُودٌ وإنْ كُنّا لا نَستَطِيعُ أن نتصَوّرَه.

الحجمُ الصّغيرُ يُتصَوَّرُ. الحَجمُ الكبِيرُ أيضًا يُتَصوَّرُ. أمّا الذّاتُ الذي لا يُوصَفُ بالكِبَرِ ولا بالصِّغَر لا يُمكِنُنَا أنْ نتَصَوَّرَه بأَذهَانِنا. لكنْ يجِبُ عَلينَا أن نؤمِنَ بوجُودِ ذاتٍ ليسَ حَجمًا لطِيفًا وليسَ حجمًا كثِيفًا. ليسَ حَجمًا كبِيرًا ولا صغيرًا.           لذلكَ قالَ عُلمَاءُ التّوحيدِ: {التّوحِيدُ إثْباتُ ذَاتٍ غَيرِ مُشْبِهٍ للذّواتِ ولا مُعَطَّلٍ عنِ الصِّفَاتِ}.

الوهَّابيةُ يُريدُونَ أن يَكونَ الله جِسمًا ويَعتقدونَ أنّه حَجمٌ كَبِيرٌ قَاعدٌ علَى العَرشِ. هؤلاءِ مَا عَرفُوا اللهَ. ولا يَعبُدونَ اللهَ. يَعبُدونَ شَيئًا تخَيَّلُوه حَجمًا كبِيرًا قَاعدًا على العَرشِ ولا وجُودَ لهُ. يَعبُدونَ شَيئًا مَوهُومًا لا وُجودَ لهُ.

فَوقَ العَرشِ لا يُوجَدُ إلا كتابٌ، كَتَبَ اللهُ فيهِ{ إنَّ رَحْمَتي سَبَقَتْ غَضَبِي} مَعناهُ الأشياءُ التي أُحِبُّهَا أَكثَرُ منَ الأشياءِ التي أكرَهُهَا. الملائكةُ كُلُّهُم أولياءُ اللهُ وهُم أكثَرُ خَلقِ اللهِ مِن حَيثُ العدد، الملائكة أكثر كلهم يحبّهم الله. أمّا البشَرُ والِجنُّ فِيهِم الكُفّارُ وفِيهِم المؤمِنُونَ، والكُفّارُ فِيهِم أكثَر.الِجنّ الشّياطِين أكثَرُ مِنَ المسلِمينَ مِنهُم. والإنسُ كذلكَ أكثرهم كفار، أكثَرُ الجنِّ وأكثَرُ البشَرِ اللهُ تَعالى يَكرَهُهم. وأَقَلُّهُم يُحِبُّهُم اللهُ وهُم المؤمنون.

الكتابُ الذي فوقَ العَرشِ مَكتُوبٌ فيه هَذا،. والملائكةُ الذينَ هُناكَ يَطُوفُونَ حَولَ العَرشِ كمَا نَطُوفُ بالكَعبَةِ.

فلا تصِحُّ مَعرفَةُ اللهِ معَ اعتقَادِ أنّه حَجمٌ كبِيرٌ أو حَجمٌ صَغيرٌ. لا يكونُ عَرفَ اللهَ مَن اعتقَد أنّ اللهَ حَجمٌ كَبيرٌ أو حَجمٌ صَغيرٌ لا يكونُ عَارفًا باللهِ من اعتقَدَ أنّ اللهَ حَجمٌ. إن اعتَقدَه حَجمًا كَبيرًا وإن اعتقَدَه حَجمًا وسَطًا أو حَجمًا صَغيرًا فهوَ غَيرُ عَارفٍ باللهِ فهوَ جَاهِلٌ بخَالقِه.

وهذا معنى قولِ سيّدِنا عليّ رضيَ الله عنه: { مَن زَعَم أنّ إلهنَا محدُودٌ فقَد جَهِلَ الخَالِقَ المعبُود}. كلُّ شَىءٍ لهُ حَجمٌ يقالُ لهُ محدُودٌ. حَبّةُ الخَردَلِ لها حَدّ، حَجمٌ صَغيرٌ. والعَرشُ لهُ حَدّ، حَجمٌ كبيرٌ. وكلاهما محدودٌ. يقولُ سيّدُنا عليٌّ مَن اعتقَدَ أنّ اللهَ حَجمٌ، ما عرَفَه.

وكلُّ هذا التنبِيه الذي ذُكِرَ هنا داخلٌ تحتَ هذِه الآيةِ:{ لَيسَ كمِثلِه شَىء}. إنْ قالَ لكُم الوهّابيّ مِن أَينَ أَتَيتُم بقَولِكُم أنّ اللهَ ليسَ حَجمًا كثِيفًا ولا حَجمًا لطِيفًا ولا هوَ حَجمٌ كبِيرٌ ولا هو حجمٌ صَغير؟

فقولُوا له هذه الآيةُ معناها هذا، { ليسَ كمِثلِه شَىءٌ وهوَ السّميعُ البصِير}.   

*قيل: واحدةٌ انفَسخ عَقدُ نِكاحِها بردّةٍ. كيفَ تَعتدّ؟ هيَ في بيتِ أَهلِها. وهوَ ليسَ لهُ بيتٌ لأنّه أتى منَ الخَارج.

قال الشيخ: يُسكِنها باستئجَارٍ، أو إنْ كانَ لهُ مِلكٌ فبمِلكِه، أمّا إن كانَ عاجِزًا عن كلّ ذلك، كانَ لا يَستَطيعُ أن يُحَصِّـلَ لها مَسكنًا تُمضِي به عِدّتها. تَسكُن حَيثُما تيَسّر لها. أي  يُهيّء لها بَيتا، يُسكنُها البيتَ الذي ارتَدّت فيه إنِ استطاعَ. وإن لم يَستطع يهَيّء لها مكانًا ءاخَر. أما مِن حَيثُ النّفقةُ فالظاهرُ هذِه نفَقَتُها أثناءَ العِدّةِ كالمسلِمة في هذا. المسلِمَةُ المطَلّقَةُ بطَلْقَةٍ واحِدةٍ نفقَتُها تَبقَى مُدّةَ العِدّة عَليه، على الزّوج. فإذا انقَضتِ العِدّةُ، ليسَ علَيه شىءٌ بعدَ هذا.

قيل للشيخ :وإنْ هيَ أَسلَمت بعدَ انقِضاءِ العِدّة ماذا يفعل؟

قال الشيخ: إن شاءَ يتَزوّجُها بعَقدٍ جَديد. وإلا يَتركُها. إذا مضَت عِدَّتُها ليسَ عَليه شَىءٌ، ليسَ عَليه نفَقتُها. 

*حديثُ تَسبيح الطّعامِ بين يدي رسول الله ثابتٌ أمّا حديث تسبيحِ الحصَى في يدِ الرسولِ غَيرُ ثَابت ويجوزُ روايتُه.                    

نهـلّـل                   تمّ ما قيل الجمعة 28/7/2000  وقت الضحى.