بيان أمور يحتاج الناظر في علم الأنساب إليها

Arabic Text By Nov 19, 2009

بيان أمور يحتاج الناظر في علم الأنساب إليها

قال القلقشندي في نهاية الأرب ص/29: وهي عشرة أمور:

الأول: قال الماوردي: إذا تباعدت الأنساب صارت القبائل شعوبا والعمائر قبائل. يعني: وتصير البطون عمائر، والأفخاذ بطونا، والفصائل أفخاذا، والحادث من النسب بعد ذلك فصائل.

الثاني: قد ذكر الجوهري أن القبائل هي بنو أب واحد، وقال ابن حزم: جميع قبائل العرب راجعة الى أب واحد سوى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان فإن كل قبيلة منها مجتمعة من عدة بطون وسيأتي بيان ذلك في الكلام على كل قبيلة من هذه القبائل الثلاث في موضعه إن شاء الله تعالى. نعم الأب الواحد قد يكون أبا لعدة بطون ثم أبو القبيلة قد يكون له عدة أولاد فيحدث عن بعضهم قبيلة أو قبائل فينسب إليه من هو منهم ويبقى بعضهم بلا ولد، أو يولد له ولم يشتهر ولده فينسب إلى القبيلة الأولى.

الثالث: إذا اشتمل النسب على طبقتين فأكثر كهاشم وقريش ومضر وعدنان جاز لمن في الدرجة الأخيرة من النسب أن ينتسب إلى الجميع فيجوز لبني هاشم أن ينتسبوا إلى هاشم وإلى قريش وإلى مضر وإلى عدنان فيقال في أحدهم: الهاشمي، ويقال فيه: القرشي والمضري والعدناني، بل قد قال الجوهري: إن النسبة إلى الأعلى تغني عن النسبة إلى الأسفل، فإذا قلت في النسبة إلى كلب بن وبرة: “الكلبي” استغنيت عن أن تنسبه إلى شىء من أصوله. وذكر غيره أنه يجوز الجمع في النسب بين الطبقة العليا والطبقة السفلى، ثم يرى بعضهم تقديم العليا على السفلى مثل أن يقال في النسب إلى عثمان بن عفان: “الأموي العثماني”، وبعضهم يرى تقديم السفلى على العليا فيقال” “العثماني الأموي”.

الرابع: قد ينظم الرجل إلى غير قبيلته بالحلف والموالاة فينتسب إليهم فيقال: فلان حليف بني فلان أو مولاهم، كما يقال في البخاري: الجعفي مولاهم ونحو ذلك.

الخامس: إذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل في قبيلة أخرى جاز أن ينتسب إلى قبيلته الأولى وأن ينتسب إلى القبيلة التي دخل فيها، وأن ينتسب إلى القبيلتين جميعًا، مثل أن يقال: التميمي ثم الوائلي، أو الوائلي ثم التميمي وما أشبه ذلك.

السادس: القبائل في الغالب تسمى باسم الأب الوالد للقبيلة كربيعة ومضر والأوس والخزرج ونحو ذلك، وقد تسمى القبيلة باسم أم القبيلة كخندف وبجيلة ونحوهما، وقد تسمى باسم خاص ونحو ذلك، وقد تسمى القبيلة بغير هذا، وربما وقع اللقب على القبيلة بحدوث سبب كغسان حيث نزلوا على ماء يسمى غسان فسموا به كما سيأتي بيانه عند ذكر قبيلتهم في حرف الغين المعجمة إن شاء الله، وربما وقع اللقب على الواحد منهم فسموا به، وقيل غير ذلك على ما سيأتي ذكره فيما يقال بلفظ الجمع في الألف واللام مع الراء المهملة إن شاء الله تعالى.

السابع: أسماء القبائل في اصطلاح العرب على خمسة أضرب:

أولها: أن يطلق على القبيلة لفظة الأب كعاد وثمود ومدين ومن شاكلهم وبذلك ورد القرءان كقوله تعالى  وإلى عاد، والى ثمود، وإلى مدين يريد بني عاد وبني ثمود ونحو ذلك، وأكثر ما يكون ذلك في الشعوب والقبائل العظام لا سيما في الأزمان المتقدمة بخلاف البطون والأفخاذ ونحوهما.

وثانيها: أن يطلق على القبيلة لفظ البنوة فيقال: بنو فلان، وأكثر ما يكون ذلك في البطون والأفخاذ والقبائل الصغار لا سيما في الأزمان المتأخرة.

وثالثها: أن ترد القبيلة بلفظ الجمع مع الألف واللام كالطالبيين والجعافرة ونحوهما، وأكثر ما يكون ذلك في المتأخرين دون غيرهم.

ورابعها: أن يعبر عنها بآل فلان كآل ربيعة وآل الفضل وآل علي وما أشبه ذلك، وأكثر ما يكون ذلك في الأزمنة المتأخرة لا سيما في عرب الشام في زماننا، والمراد بالآل: الأهل.

وخامسها: أنه يعبر عنها بأولاد فلان ولا يوجد ذلك إلا في المتأخرين في أفخاذ العرب على قلة.

الثامن: غالب أسماء العرب منقولة عما يدور في خزانة خيالهم مما يخالطونه ويحاورونه إما من الحيوان كأسد ونمر، وإما من النبات كنبت وحنظلة، وإما من الحشرات كحية وحنش، وإما من أجزاء الأرض كفهر وصخر ونحو ذلك.

التاسع: الغالب على العرب تسمية أبنائهم بمكروه الأسماء ككلب وحنظلة وضرار وحرب وما أشبه ذلك، وتسمية عبيدهم بمحبوب الأسماء كفلاح ونجاح ونحوهما، والمعنى في ذلك ما يحكى أنه قيل لأبي القيس الكلابي: لم تسمون أبناءكم بشر الأسماء نحو كلب وذئب، وعبيدكم بأحسن الأسماء نحو مرزوق ورباح؟ فقال: إنما نسمي أبناءنا لأعدائنا، وعبيدنا لأنفسنا، يريد أن الأبناء معدة للأعداء فاختاروا لهم شر الأسماء، والعبيد معدة لأنفسهم فاختاروا لهم خير الأسماء ـ أي في نظرهم ـ.

العاشر: إذا كان في القبيلة اسمان متوافقان كالحارث والحارث، وكالخزرج والخزرج وما أشبه ذلك، وأحدهما من ولد الآخر أو بعده في الوجود عبروا عن الوالد والسابق منهما بالأكبر، وعن الولد والمتأخر منهما بالأصغر، وربما وقع ذلك في الأخوين إذا كان أحدهما أكبر من الآخر. انتهى كلام القاقشندي.