الإيمان برُسُلِ الله الإيمانُ باليومِ الآخر أالايمان بالقدر خيره وشره

Arabic Text By Aug 12, 2010

من عصى الله وهو يضحك أدخله الله النار وهو يبكي ومن أطاع الله وهو يبكي أدخله الله الجنة وهو يضحك

الإيمان برُسُلِ الله

قولهُ صلى الله عليهِ وسلم في حديث جبريلَ الطويل : [ الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله…الحديث]معناه : أنه يجبُ الإيمانُ برسل الله من كان منهم نبياً غيرَ رسول ومن كان رسولاً نبيا وليعلم أن النبي هو : من أوحي إليهِ بشرعِ من قبلهُ أما الرسولُ فهو : من أوحي إليه بشرعٍ جديد,وكلٌ مأمورٌ بالتبليغ وقد غلط بعضهم فقال : إن النبي غيرُ مأمورٍ بالتبليغِ وهذا غلطٌ شنيع لأنه لو لم يكن مأموراً بالتبليغ فأي معنى لرسالتهِ . ومعنى قول الله تعالى :{لانفرقُ بين أحدٍ من رسله}أي بالإيمانِ معناهُ: نؤمنُ بالكُل أما من حيثُ الفضلُ فبعض الرسل أفضل من بعض قال تعالى :{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} وأول الأنبياء والرسل هو ءادم عليه السلام والدليلُ على أنهُ كان نبياً قول الله تعالى :{إن الله اصطفى ءادم ونوحاً وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين} وقد غلط بعضُ الناسِ وظنوا أن أول الرسل على الإطلاق هو نوحٌ وأوردوا لذلك حديثاً إن نوحاً هو أول رسل الله إلى أهلِ الأرضِ وهذا الحديث معناه: أن نوحاً عليه السلام هو أول من أرسله الله إلى أقوامٍ مختلفين لأنه قبل ذلك كان الناس أمة  واحدة  أي كلُهم على الإسلام وذلك في زمن ءادم وشيث وإدريس وحصل الكفر أول مرة بعد إدريس فكان نوحٌ أول من أرسل إلى الكفار, والجاهلية الأولى مابين  وفاة إدريس إلى بعثة نوح وكانت ألف سنة  .

وأفضل الأنبياء وءاخرهم هو محمد صلى الله عليه وسلم والدليل على أنه أفضل الأنبياء قوله تعالى : {كنتم خير أمة أخرجت للناس …..الآية } وإذا كانت أمته خير الأمم فيكون هو خيرَ الأنبياءِ.وليعلم أن الأنبياء أفضل من الأولياء وأفضل من الملائكة  قال الله تعالى بعد ذكر جملةٍ من الأنبياء :{ وكلاً فضلنا على العالمين } والعالمون يشمل الجن والإنس والملائكة .

وقد جاء كلُ الأنبياء بدين واحدٍ هو الإسلام قال تعالى :{ إن الدين عند الله الإسلام}وقال تعالى :{ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}وقال تعالى :{ هو سماكم المسلمين من قبل} وقال تعالى :{ ماكان إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين}وقال تعالى :{ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله  قال الحواريونَ نحنُ أنصارُ الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون }.وروى البخاري أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :

[ الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحدٌ وأمهاتهم شتى] معناه دينهم هو الإسلام فكلُ الأنبياء جاءوا بعقيدةٍ واحدةٍ في حق الله وهي عقيدة  لا إله إلا الله قال عليه الصلاة والسلام : أفضل ماقلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له . والإخوة في اللغة   إخوة أشقاء أو إخوة  أخياف أو إخوة لعلات ومعنى إخوة لعلات : الذين أبوهم واحد لكن أمهاتهم مختلفة, وهذا التشبيه الذي ذكره الرسول معناه أن كل الأنبياء كالأخوة الذين أبوهم واحد وذلك لأن دينهم واحد وهو الإسلام وإنما الفرق بينهم في الشريعة التي هي الفروع العملية كالزكاة والصلاة ونحو ذلك , ففي شريعة ءادم كان يجوز للأخ أن يتزوج أخته من البطن الآخر وكان الزنى في شريعته إذا نكح الأخ أخته التي هي من نفس البطن ثم حُرم زواج  الأخِ أختهُ من البطن الآخر في شريعة شيث,وكان في شريعة ءادم فرضية صلاة واحده ثم في شريعة أنبياء بني إسرائيل فرضية صلاتين ثم في شريعة سيدنا محمد التي هي أحسن الشرائع وأيسرها فرضية خمس صلوات في اليوم والليلة, وهذا التغير في الشريعة على حسب ماتقتضيه الحكمةُ والله أعلم بمصالح الناس من أنفسهم .ومن هذا يتبين لك أيها المطالع المنصف الغلط الشنيع في قول بعض الناس الأديان السماوية الثلاث فإنه لا دينَ صحيح إلا الإسلام وهو الدين السماوي الوحيد.

وأما النصارى الذين ذكروا في القرءان على سبيل المدح في ءاية :{ إن الذين هادوا والنصارى والصائبين من ءامن بالله واليوم الآخر….الآية } فهم المسلمون الذين نصروا عيسى واتبعوه على دين الإسلام وأما اليهود المذكورون فهم المسلمون الذين كانوا هادوا أي تابوا ورجعوا عما حصل منهم بعد مخالفتهم موسى وهارون قالوا هُدنا أي تبنا ورجعنا.

وسببُ تسميةِ الذين كفروا بعد ذلك من اليهود و النصارى بأهل الكتاب لأنهم ينتسبون للتوراة والإنجيل انتساباً ولايؤمنون بالتوراة والإنجيل الأصليين فلا يجوزُ تسميتهم مؤمنين والدليل على ذلك قوله تعالى :{ قل يا أهل الكتاب لم  تكفرون بآيات  الله  والله شهيد على ماتعملون} وقوله تعالى :{ ولو ءامن أهل الكتاب لكان خيراً لهم} وقوله تعالى :{ ولو أن أهل الكتاب  ءامنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم} معناه أنهم ليسوا مؤمنين وأما قول الله تعالى:{ إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين  في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية} فمن هنا ليست للتبعيض إنما هي بيانيه معناهُ : كلهم كفروا .

                                                                                                           الإيمانُ باليومِ الآخر

قولهُ عليهِ الصلاةُ والسلام  في حديث جبريل الطويل:[ الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليومِ الآخر ….الحديث] اليوم الآخر هو يوم القيامة ويكونُ ابتداؤهُ من حينِ ينفخُ إسرافيلُ في الصور فيموتُ الأحياء من الإنسِ والجن والملائكه سوى من استُثني من الملائكةِ كحملة العرش وخازن الجنة وخازن النار, ويومُ القيامةِ خمسونَ ألف سنة وهي خمسونَ موقفاً للحسابِ كلُ موقفٍ ألفُ سنة قالَ اللهُ تعالى :{ في يومٍ كانَ مقدارهُ خمسينَ ألف سنة} وقد وردَ في الحديثِ الصحيح أن هذه السنين تكون على المؤمن التقي كأقلّ من وقت الصلاة المكتوبة وفي روايةٍ كتدلي الشمس لغروبها .

وحسابُ الناسِ سيكونُ على الأرض المبدلة قال الله تعالى :{ يوم تبدلُ الأرضَ غيرَ الأرضِ}.

والقيامةُ لها علاماتٌ صغرى وعلاماتٌ كبرى ومن العلاماتِ الصغرى التطاولُ في البنيانِ من قبلِ الحُفاةِ العراةِ الفقراءِ الذينَ يرعونَ الغنمَ وقد حصلَ ذلك ,وتقاربُ الأسواقِ وقد حصلَ ذلك وكثرةُ الزلازلِ وكثرةُ القتلِ بلا سبب وكثرةُ شربِ الخمرِ وكثرةُ الزنى وكثرةُ الاستماعِ للموسيقى المحرمة وقد حصلَ ذلك, وظهورُ النساءِ اللاتي يلبسنَ الثياب التي تظهرُ العورةَ بكثرة مع إمالتهنَ الرجالَ للزنى وقد حصلَ ذلك, وءاخرُ العلاماتِ الصغرى ظهورُ المهديّ روى الترمذي وأبوداود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :[لا تقومُ الساعة حتى يملكَ رجلٌ من أهل بيتي يواطئ اسمهُ اسمي واسمُ أبيهِ اسم أبي يملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجَوْرا] معناهُ : أن من علامات الساعة أن تمتلأ الأرضُ بالظلمِ والجَورِ وقد حصلَ ذلك ,ثم يظهرُ رجلٌ من أهل بيت الرسول اسمهُ محمدُ بن عبد الله مدنيٌ هو ووالداهُ يخرجُ من المدينة المنورة إلى مكة حيثُ يبايعهُ ثلاثمائةٍ وثلاثةَ عشرَ ولياً ثمَ يذهبُ إلى برِ الشام ويعيشُ هناك ويحكمُ في الأرضِ بالعدلِ وورد في الأثر أنه يكونُ فوق رأسه ملكٌ يقول : أيها الناس هذا المهدي فاتبعوه وأنهُ حينَ ينزلُ عيسى سيصلي المهدي فيه إماماً وذلك ليدل على أن عيسى المسيح يتبع شرع محمد صلى الله عليه وسلم.

وتلي العلاماتِ الصغرى علاماتٌ كبرى منها ثلاثةُ خسوفٍ في المشرقِ والمغربِ وجزيرةِ العرب, ومنها ظهورُ قوم يأجوجَ ومأجوج وهم كفارٌ من بني ءادم مخفيونَ في جهة من الأرض جعل ذو القرنينِ العبدُ الصالح بينهم وبين البشر سداً ورد في الحديثِ الصحيحِ أنهم كل يومٍ يأخذون منه قدراً فيبقى قدر ما يفتحُ في يومٍ واحد فيقولونَ غداً نتمهُ فيصبحون وقد عاد كما كان حتى يأتي اليومُ الذي شاء الله خروجهم فيه ويقولونَ غداً نتمهُ إن شاء الله فيصبحونَ ويفتحونهُ ويخرجون إلى الناس فيأكلونَ ما على وجه الأرض من الطعام الذي يمرونَ بهِ حتى إنهم يشربونَ بحيرة طبَرَيّا التي في فلسطينَ فيقولُ ءاخرُهم كان هنا ماء .

ومنها ظهورُ المسيح الدجال الموجود في جزيرةٍ في البحر قيدتهُ الملائكةُ بالسلاسل وهو كافرٌ يقولُ للناس أنا ربكم وهو أعور ويأمرُ الناس باتباعهِ على ذلك فيتبعهُ كثير لأن فتنتَهُ كبيرة يقولُ للأرضِ أخرجي نباتك فتخرج وللسماء أنزلي مطرك فتنزل وذلك ابتلاء من الله لعباده، قال عليه الصلاة والسلام : وإن معه ماءً وناراً فماؤهُ نارٌ ونارهُ ماء.

ومنها نزول عيسى المسيح قال الله تعالى :{ وإنه لعلمٌ للساعةِ} قال ابن عباس نزول المسيح عيسى وقد ورد في الحديثِ الصحيح أنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق على جناح ملكين وتوجدُ الآن منارة بيضاء شرقي دمشق في المطار وورد أنه يقتلُ المسيح الدجال عند باب لُدٍّ في فلسطين وأنه يدعو على يأجوج ومأجوج فيُبيدهم الله بتسليطِ دودٍ يدخلُ في رقابهم فيقتلهُم.وقد ورد عن كعب الأحبار أنه سيدفن بجوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة المباركة.

ومنها نزولُ دُخَانٍ من السماء يغشى الناس فيصيبهم مثلُ الزكام .

ومنها خروجُ دابةِ الأرض وهي دابةٌ عظيمةٌ تخرج من جبل الصفا لها خرطوم تَسِمُ المؤمن بعلامةٍ والكافر بعلامة .

ومنها طلوع الشمس من مغربها وغروبها في المشرق ثلاثةَ أيام.

ومنها نارٌتخرجُ من عدن في اليمن تسوقُ الناس إلى بر الشام وبرُّ الشامِ مِساحةٌ كبيرة من العريشِ إلى بالس في جهة العراق ويشملُ ذلك الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا .

 

تنبيهٌ مهم:

يجبُ اعتقادُ أن الله تعالى ليس حجماً فلا يكونُ بينهُ وبينَ شئ من خلقه مقابلة لأن المقابلة إنما تكون بين الجِرمين الموجودينِ في جهةٍ ومكان فحينَ نسمعُ قول النبي صلى الله عليه وسلم :[ من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه]لايجوز اعتقاد أن لقاء الله يكون بالمقابلة إنما معنى لقاء الله الموت ومعنى من أحب لقاء الله أن المؤمن التقي عند الموت يأتيه عزرائيل فيقول له أبشر برحمة الله ورضوانه فيحبُ الموت وهذا التقي الله يحبه ومعنى الله يحبه الله يكرمهُ,أما الكافر فيأتيه عزرائيل ملكُ الموت عند الموت فيقول له أبشر بعذاب الله وسخطه فيزداد كراهية للموت وهذا الكافرُ الله لا يحبهُ أي لا يكرمهُ فلا يجوزُ أن يقال الله يحبُ الكُلّ لأنه خلق الجميع قال الله تعالى :{ فإن الله لايحبُ الكافرين}.

 

                            أالايمان بالقدر خيره وشره

 

قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل الطويل {الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وبالقدر خيره وشره } قوله صلى الله عليه وسلم وبالقدرِ خيره وشره أراد بقولهِ وبالقدر صفةَ الله ,أي يجب الايمان بأن كل ما يدخل في الوجود يدخل بتدبير أزليٍ من الله فتدبير الله الذي هو صفته أزلي أبدي شامل لكل ما يدخل في الوجود من الأجرام والأعمال خيرها وشرها, وتقدير الله الذي هو صفته لا يوصف بالشر. ويكون معنى خيرهِ وشرهِ :أن المقدور أي المخلوق فيه خير وشر وهذا المقدور دخل في الوجود بتدبير الله الأزلي فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل القدر على معنى صفة الله وأعاد الضمير عليه على معنى المقدور وهو المخلوق . قال الله تعالى:{ إنا كل شىء خلقناه بقدر} أي بتدبير أزلي وروى مسلم في صحيحه أن الرسول قال:[ كل شىء بقدر حتى العجزُ والكيس] أي الغباء والذكاء فلا يجوز أن يقال إن الله قدّر الخير ولم يقدر الشر لأن هذا ضدُ القرءان والحديث والعقل .

وتقدير الله للشر وإرادته للشر وخلقه للشر ليس قبيحا منه تعالى إنما فعل العبد للقبيح قبيح وذلك لأن العبد مأمور بفعلِ الخيرِ منهيٌ عن فعل الشر, أما الله تعالى فهو الآمر الذي لا آمر له والناهي الذي لا ناهي له .

والفرق بين الخير والشر أن الخير يحبه الله وأمر به والشر لا يحبه الله ونهى عنه وإلا فكل بخلق الله وتقدير الله وعلم الله ومشيئته .

فإذا سأل سائل الانسان مخير أم مسير ؟ فالجواب أن يقال :إن الإنسان مختار تحت مشيئة الله , فالإنسان له اختيار لكنه لا يخرج عن مشيئة الله قال الله تعالى {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } فلا يقال الإنسان له اختيار مستقل عن مشية الله ولا يقال الإنسان مجبور على فعل ما يصدر منه باختياره لأن الجبر ينافي التكليف والله تعالى يقول :{لايكلف الله نفسا الا وسعها} ويقول :{ لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت} فالإنسان لا يكون منه إلا ماقدر الله كما قال عليه الصلاة والسلام :(وقل اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) وحظ العبد من فعله توجيه القصد نحو العمل والله يخلقه عند ذلك إن شاء, فالعباد مظاهر لاكتساب الأعمال لا حظ لهم في الخلق قال الله تعالى: {هل من خالق غير الله } معناه لا خالق الا الله وروى ابن حبان انه صلى الله عليه وسلم قال: }ان الله صانع كلِ صانع وصنعته) اي صانع العبد وفعله .

ومن أقوى الدلة لأهل السنة أن الله هو خالق فعل العبد لا حظ للعبد في الخلق قوله تعالى }: فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ومارميت إذ رميت ولكن الله رمى} معناه ومارميت يامحمدُ خلقاً إذ رميت كسباً ولكن الله رمى خلقاً.

وقد سئل الامام الشافعى عن القدر فقال :

ماشئتَ كان وان لـم أشــأ                       وماشئتُ إن لم تشأ لم يكـن

خلقت العبادَ على ما علمـتَ                        ففي العلم يجرى الفتى والمسـن

على ذا مننت وهذا خذلـت                         وهذا أعنت وذالم تعــــن                 فمنهم شقيٌ ومنهم سعــيدٌ                        وهذا قبيحٌ وهذا حســــن

فسر الشافعيُّ القدرَ بالمشيئةِ وبينَ أن ما شاءه الله لابد أن يكون وماشاءه العبد لايكون إلا إذا شاء الله وأن كل شئ بخلقٍ الله وعلمه ومشيئته .

وقد ضلَ أناسٌ ينتسبون للإسلام فجعلوا مشيئة الله تابعة لمشيئة العبد وهذا ضد قوله تعالى :{ وماتشاءون إلا ان يشاء الله ربُ العالمين}.

وقالتِ المعتزلةُ قبحهم الله :إن الله خلق أجسام العباد وأعطاهم القدرة على خلق أفعالهم ثم صار عاجزاً عن خلقها وهذا من أشنعِ الكفر قال بعض العلماء : المعتزلة جعلوا الله كمن قيل فيه المثل : أدخلته داري فأخرجني منها, معناه جعلوا الله مغلوباً في ملكهِ , والله يقول :{والله غالبٌ على أمره}.اي مشئية الله نافذة

وقد التقى القاضي عبدُ الجبار المعتزلي بالإمامِ أبي إسحقَ الأسفرايني فبدأ المعتزلي كلامهُ بقولهِ : سبحان من تنزه عن الفحشاء يريد بذلك أن الله لم يشأ حصول الشر ولم يخلقه, فقال له أبو إسحاق: سبحان من لا يقع في ملكه إلا مايشاء فقال المعتزلي: أيحبُ ربُنا أن يعصى فقال أبو إسحق : أيعصى ربنا قهرا فقال المعتزلي : أرأيت إن منعني الهدى وحكم علي بالردى أحسنَ إلي أم أساء فقال أبو إسحق : إن منعك ماهو لك فقد أساء  وإن منعك ما هو له فإنه يختص برحمته من يشاء فسكت المعتزلي وانقطع لأن الإمام أبا إسحق كسرهُ بالحجةِ .

فتبينَ لكَ أيها الطالبُ للحقِ أن كل مادخلَ في الوجودِ بمشيئةِ الله وعلمه وتقديرهِ وخلقه سواءٌ في ذلك الجسمُ والعمل الخيرُ والشر الكُفرُ والإيمانُ إلا أن الخيرَ يحبهُ الله وأمرَ به والشر لا يحبهُ الله ونهى عنهُ.

وقد روى ابنُ حبان أنه صلى الله عليه وسلم قال :[إن الله لو عذب أهل أرضهِ وسمواته لعذبهم وهو غير ظالمٍ لهم ولو رحمهم كانت رحمتهُ خيراً لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحدٍ ذهبا في سبيل الله ماقبلهُ الله منك حتى تؤمنَ بالقدر وتعلمَ أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا دخلت النار].

                                         والله أعلمُ وأحكم