ومَا الحَيَواةُ الدُّنْيَا إلاّ مَتَاعُ الغُرُور)) (سورة الحديد )

Arabic Text By May 13, 2019

ا لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعاى جميع إخوانه النبيين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين

قال الله تَعالى: ((اعْلَمُوا أَنَّما الحَيَواةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ولَهْوٌ وَزِيْنَةٌ وتَفَاخُر بَيْنَكُم وتَكَاثُرٌ في الأَمْوَالِ والأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّار نباتُه ثُمَّ ثَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثمَّ يَكُونُ حُطَمًا وفي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيْدٌ ومَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ ومَا الحَيَواةُ الدُّنْيَا إلاّ مَتَاعُ الغُرُور)) (سورة الحديد )

{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ}  كلَعِبِ الصّبيَان {وَلَهْوٌ} كلَهْو الفِتيَان {وَزِينَةٌ} كزِينَةِ النّسوان {وَتَفَاخُرُ بَيْنَكُمْ}  كتَفاخُر الأقران {وَتَكَاثُرٌ} كتكَاثُر الدِّهْقَان أصحاب الأموال والتجّار {فِى الامْوَالِ وَالاوْلْادِ}  أي مُباهَاةً بهما، والتّكَاثُر ادّعاءُ الاستِكثَار {كَمَثَلِ غَيْثٍ} أي الحَياةُ الدّنيا مَثَل غَيث {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} بَعدَ خُضرَتِه {ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} مُتَفتّتًا،

شَبَّه حَالَ الدُّنيا وسُرعةَ تَقَضّيْها معَ قِلّة جَدْوَاها بنَباتٍ أَنْبَتَه الغَيثُ فَاسْتَوى وقَوِيَ وأُعجِبَ بهِ الكُفّارُ الجَاحِدُونَ لنِعمَةِ اللهِ فِيمَا رَزقَهُم مِنَ الغَيث والنّبَات، فبَعَثَ علَيه العَاهَةَ فهَاجَ واصْفَرَّ وصَارَ حُطَامًا عُقُوبَةً لهم على جُحُودِهم كما فعَل بأَصحَابِ الجنّة وصاحِب الجَنّتَين.

{وَفِى الاخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ} للكفّار {وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} للمؤمنينَ يعني أنّ الدّنيا وما فيها ليسَت إلا مِن مُحَقَّرَات الأمور وهي اللّعبُ واللّهو والزّينة والتّفَاخُر والتّكَاثُر، وأمّا الآخرة فمَا هيَ إلا أمُورٌ عِظَامٌ وهيَ العَذَابُ الشّديدُ والمَغفِرَةُ والرّضْوانُ مِنَ اللهِ الحَمِيد.

{وَمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَآ إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} لِمَن ركَنَ إليها واعتَمَد علَيها. شَبَّه الدُّنيا بالمَتَاعِ الذي يُدَلَّسُ بهِ على المُستَام ويُغَرُّ حتى يَشتَريَهُ ثم يتَبيّنُ لهُ فسَادُه ورَداءَتُه، والشّيطانُ هوَ المدَلِّسُ الغَرُورُ.)

قال ذو النون: يا مَعشَرَ المُريدِين لا تَطلُبوا الدُّنيا وإنْ طلَبتُمُوها فلا تُحِبُّوهَا فإنّ الزّادَ مِنها والمَقِيلَ في غَيرِها.

ولَمّا حَقّرَ الدّنيا وصَغّر أَمْرَها وعَظّمَ أَمرَ الآخرة بعَثَ عِبادَه على المُسَارعَةِ إلى نَيلِ مَا وَعَد مِن ذلكَ وهيَ المَغفِرَة المُنجِيَةُ مِنَ العَذابِ الشّديد والفَوز بدخول الجنّة بقوله {سَابِقُوا} أي بالأعمالِ الصّالِحَة {إِلَى مَغْفِرَةٍ مِن رَّبِكُمْ}  وقيلَ: سَارعوا مُسَارعَة السّابقِين لأقرانِهم في المِضمَار {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَآءِ وَالارْضِ}والمرادُ وَصفُها بالسّعَةِ والبَسْط فشُبّهَت بأوسَع ما علِمَه النّاسُ مِن خَلقِه وأَبسَطِه.

{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} وهذا دليل على أنها مخلوقة {ذَلِكَ} الموعود من المغفرة والجنة {فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ} وهم المؤمنون، وفيه دليلٌ على أنّه لا يَدخُلُ أحَدٌ الجَنّةَ إلا بفَضلِ الله {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

سَبُّ الدُّنيا جَائزٌ، الدُّنيا لمّا تُسَبُّ المرادُ مِنْ ذَلكَ مَا يُلهِي مِن أُمُورِ الدُّنيا عن طَاعةِ اللهِ، ورَدَ عن بَعضِ السّلَفِ الدُّنيا جِيفَةٌ، وفي الحديث”الدُّنيا مَلعُونَةٌ مَلعُونٌ مَا فِيهَا إلا ذِكْرَ اللهِ ومَا والاهُ وعَالما ومتَعلِّمًا” رواه الترمذي والطبراني وابن ماجه.

يقالُ الدُّنيا غَرّارةٌ الدّنيا فتَّانَةٌ، يجوز هذَا.

الدنيا اللهُ ذَمّهَا، لكن مِنَ القَبِيحِ قَولُ بعضِ النّاسِ يِلعَن أبو الدُّنيا، إدْخَالُ كلِمةِ أَبو هُنا قَبِيحٌ.

ومَعنى الحديثِ الدُّنيا مَلعُونَةٌ أي لا خَيرَ فيها إلا ذِكرَ اللهِ أي طاعَةَ الله، أي كُلّ الحسَناتِ، ومَا والاهُ أي مَا يُسَاعِدُ على طَاعةِ اللهِ كطَلبِ المالِ الحَلالِ الذي يُسَاعِدُ على طَاعةِ اللهِ، والعَالم والمتعَلِّمُ، مَا سِوَى هؤلاءِ الأربَع مَا فِيهِم خَير، كلُّ مَا هوَ مِن مَتاعِ الدُّنيا ولا يُعِينُ على طاعَةِ اللهِ لا خَيرَ فِيهِ.

اللهمّ لا تجعَل الدّنيا أكبرَ همِّنا ولا مَبْلَغِ عِلمِنا

“الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلا ذِكْرَ الله وَمَا وَالاهُ وَعَالِمًا وَمُتَعَلِّمًا”. مَعنى الحديث أنَّ الدُّنيا أي هذهِ الحياةَ الدُّنيا عَاقِبَتُهَا غيرُ محمودةٍ إِلا هَؤلاءِ الأربعةِ: “ذِكْرُ الله” أي طاعةُ الله، “وَمَا وَالاهُ” أي ما يُساعِدُ عَلَى طاعةِ الله أي كالمَالِ الحَلالِ، “وَعَالِمًا وَمُتَعَلِّمًا” أي العَالِمَ بِعِلمِ الدِّينِ وَمُتَعَلِّمَه. ما سوى هؤلاءِ الأربعةِ ليس لَه عاقبةٌ محمودةٌ من هذا الحياةِ الدنيا لأنَّ ما سوى هؤلاءِ الأربعةِ غرور كَما قالَ تعالى {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ متاعُ الغرور معناهُ لذةٌ تشغلُ الإنسان عن الأمور المهمة،

الله تعالى قال هذه الدُّنيا مَتاعُ الغُرور مَعناهُ شَىءٌ يتَلذَّذ بهِ الإنسانُ ثم يَغتَرُّ بهِ عن طَاعَةِ الله تعالى، الدُّنيا لَذَّةٌ يَغتَرُّ بها الإنسانُ عن طَاعةِ الله تعالى، هكذا عَقلُ الكُفّار