في تفسير كلمة فطر وأفطر وبعض اشتقاقاتهما:
فطر الله الخلق (فطراً) من باب قتل (أي بفتحتين) خلقهم، فهو سبحانه فاطر السموات والأرض، قال الخطابي: فطر الخلق أي ابتدأ خلقهم سبحانه.
والاسم الفطرة بكسر الفاء. قال تعالى: “فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا” (سورة الروم، 30)، قال الطبري: أي صنعة الله التي خلق الناس عليها.
وقولهم تجب (الفطرة) هو على حذف مضاف والأصل تجب زكاة الفطرة وهي البدن فحذف المضاف وهو هنا كلمة زكاة، وأقيم المضاف إليه وهو هنا كلمة الفطرة، مقامه، ثم استُغني به في الاستعمال لفهم المعنى.
وقوله عليه الصلاة والسلام “كل مولود يولد على الفطرة” (رواه البخاري)، قيل معناه الفطرة الإسلامية والدين الحق “وإنما أبواه يهوّدانه وينصّرانه” أي ينقلانه إلى دينهما، وذلك أن إقامة الأبوين على دينهما سبب يجعل الولد تابعاً لهما في ذلك، فلما كانت إقامتهما على ذلك سبباً لاتباع الولد لهما جعلت تهويداً وتنصيراً، ثم أسند إلى الأبوين توبيخاً لهما وتقبيحاً لفعلهما، فكأن الحديث قال وإنما أبواه بإقامتهما على الشرك يجعلانه مشركاً.
والفطر الشق، يقال فطره فانفطر، وتفطّر الشيء تشقّق.
و(فطّرت) الصائم بالتثقيل أعطيته (فطوراً)، أو أفسدت عليه صومه (فأفطر) هو. و(أفطر) على تمر جعله (فطوره) بعد الغروب و(الفطور) بفتح الفاء ما يُفطر عليه و(الفطور) بالضم المصدر والاسم (الفطر) بكسر الفاء. ورجل (مفطر) والجمع (مفاطير) بالياء مثل مفلس ومفاليس.
وإذا غربت الشمس فقد (أفطر) الصائم أي دخل في وقت الفطر كما يقال أصبح وأمسى إذا دخل في وقت الصباح والمساء فالهمزة للصيرورة، و”صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” (الحديث رواه البخاري)، اللام فيه بمعنى بعد أي بعد رؤيته فلذلك لا يصح الاعتماد على قول المنجمين والفلكيين في إثبات دخول رمضان لمخالفة ذلك لهذا الحديث الثابت، ولا اجتهاد مع النصّ، فلا عبرة بمن اعتمد حساب حركة القمر في معرفة أول رمضان وانتهائه وهو بدعة من القول وزور، والحمد لله ربّ العالمين