قوله تعالى: “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم”، (سورة الرعد، الآية ١١)، قال الطبري رحمه الله: إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضاً واعتداء بعضهم على بعض فتحلّ بهم حينئذ

Arabic Text By Jun 11, 2017


فائدة في قوله تعالى: “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم”، (سورة الرعد، الآية ١١)، قال الطبري رحمه الله: إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضاً واعتداء بعضهم على بعض فتحلّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره.اهـ.

الله تعالى يغيّر ما يشاء في مخلوقاته حسب علمه الأزلي ومشيئته الأزلية، وهو سبحانه لا يتغيّر ولا يتغيّر علمه ولا مشيئته. صفات الله أزلية لأن الله أزلي.

فإذا كانَ قومٌ على طاعةِ اللهِ تعالى وكان يُنزِلُ لهم المطرَ ويُنبِتُ لهم النباتَ، فما داموا على تلكَ الحالِ اللهُ يتركُهُم على هذهِ الحالِ ولا يُغيرُ اللهُ ما بهم منَ النعمةِ، أما إذا كفروا وعصَوْا رسولَهُم وطَغَوْا وبَغَوْا واعتدوْا، أو لم يكونوا في زمنِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم بل كانوا بعدَ الرسولِ مثلاً كأهلِ زمانِنَا هذا، فإذا خالفوا الشَّرعَ وتمادَوْا على البغي والعدوانِ فهنا يكونون خالفوا الرسول كذلك، فإن اللهَ يُغيرُ ما بهم منَ النعمةِ إلى الخوفِ والنقصِ من الثمراتِ والأموالِ، وهذا حاصل مشاهد في أنحاء الدنيا قديماً وحديثاً.

قومُ عادٍ لما كانوا على الإيمانِ بنبِيِّهِم كانت بلادُهُم فيها رخاءٌ وأمنٌ، ثم لما كذبوا نبيَّهُم وعكفوا على عبادةِ الأوثانِ اللهُ تعالى أهلكَهُم، سلَّطَ عليهم الريحَ فأبادتهُم، هلكُوا كلُّهُم إلا الذينَ آمنوا بنبيِّهِم، وكذلكَ حصلَ لغيرِهِم، وهذا معروف سابقاً وحاضراً.

وقال البغوي: “إن الله لا يغير ما بقوم” من العافية والنعمة “حتى يغيّروا ما بأنفسهم” من الحال الجميلة فيعصوا ربهم، أي فيذهب الله عنهم النعم.

وليس معنى الآية أن المؤمن لا يبتليه الله تعالى، بل قد يُبتلى المؤمن تكفيراً للخطايا والذنوب أو رفعة لدرجته عند الله كما جاء في الحديث الشريف: “من يرد الله به خيراً يصب منه” أي يبتليه، رواه البخاري، فمن البلاء ما يكون نقمة ومن البلاء ما يكون نعمة، نسأل الله التوفيق والعافية في الدنيا والآخرة، ءامين