وقال الإمام تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه “دفع شبه من شبَّه وتمرد” بعد أن نزّه اللهَ تعالى عن المكان والكيف قال: لأن الكيف من صفات الحدث، وكل ما كان من صفات الحدَث فالله منزّه عنه وإثباته له سبحانه كفرٌ محقّق عند جميع أهل السنّة والجماعة. انتهى.

Arabic Text By May 29, 2017

 

خصوص قول الله تعالى: “الرحمن على العرش استوى” (سورة طه)، فأهل السنة مسلكهم مسلك التنزيه المطلق لله عن مشابهة خلقه، وهم أخذوا هذا التنزيه المطلق من قول الله تعالى: “ليس كمثله شىء”، ولذلك قالوا ما قاله الإمام مالك رضي الله عنه في تنزيه الله: “وكيف عنه مرفوع”، معناه يستحيل على الله الجلوس والقعود والاستقرار والاعتدال بعد اعوجاج وسائر صفات المخلوقات.

ومثل قول مالك قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: “والكيف غير معقول”، اي

لا يجوز على الله، رواهما الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري.

أم سلمة لم تقل ذلك بالرأي والهوى، بل هو مما تعلمته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أم سلمة رضي الله عنها تعلمت أن الكيف مستحيل على الله من رسول الله.

وقال الخليفة الراشد عليّ رضي الله عنه :”من زعمَ أنّ إلهنا محدود فقد جهِل الخالق المعبود” رواه أبو نعيم في الحلية، أي من اعتقد أو قال

بأن الله تعالى قاعد أو جالس أو له كميّة صغيرة أو كبيرة فهو جاهل بالله أي كافر به.

وقال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه: “من قال إنّ الله على شيء فقد أشرك”، والمشبهة تقول اللهُ بذاته على العرش فهم كفار بذلك، وزعموا أن الله من صفات عظمته جلوسه على العرش وهو كفر كذلك لأنهم جعلوا الله متشرفاً بشيء من مخلوقاته وهذا ضلال مبين.

وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: “المجسّم كافر” ذكره الحافظ السيوطي في “الأشباه والنظائر”. المجسمة الشافعيّ كفرهم.

ونقل ابن المعلم القرشي في “نجم المهتدي” عن “كفاية النبيه في شرح التنبيه” قوله: “وهذا منتظم مٙن كفره مجمع عليه ومٙن كفّرناه من أهل القبلة (المنتسبين للاسلام) كالقائلين بخلق القرآن وبأنّه لا يعلم المعلومات قبل وجودها ومن لا يؤمن بالقَدَر. وكذا من يعتقد أن الله جالس على العرش كما حكاه القاضي حسين هنا عن نص الشافعي رضي الله عنه” انتهى. فالشافعي نص على كفر من قال ان الله جالس على العرش.

وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتاب الوصية: “من قال بحدوث صفة من صفات الله أو شكّ أو توقف كفر”، ومشبهة العصر أدعياء السلفية تقول إن الله حادث مخلوق لأنهم اعتقدوه كخلقه بنسبتهم إليه الجلوس والقعود الذي هو صفة الإنس والجن والملائكة والبهائم.

وقال الإمام أحمد رضي الله عنه :”من قال الله جسم لا كالأجسام كفر” رواه عن الإمام أحمد أبو محمد البغدادي صاحب الخصال من الحنابلة كما رواه عن أبي محمد الحافظ الفقيه الزركشي في كتابه “تشنيف المسامع”، ومعناه أن من اعتقد في الله الجسمية أو الكيفية والشكل مطلقاً فهو ضال وإن قال لا أعرف حقيقة ذلك الشكل او الجسم والعياذ بالله.

وقال الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه “من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارفٍ بربه وإنّه كافر به”.

وقال الإمام الطحاوي رضي الله عنه: “ومن وصفَ الله بمعنًى من معاني البشر فقد كفر” وهذا اجماع السلف.

وفي كتاب الفتاوى الهندية من مشاهير كتب الحنفية قال: “ويكفر بإثبات المكان لله” انتهى.

وقال الإمام محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلي في كتابه “مختصر

الإفادات”: “فمن اعتقد أو قال إنَّ الله بذاته في كل مكان أو في مكان فكافر”.

ونقل الحافظ النووي عن الإمام جمال الدين المتولي الشافعي الذي هو من أصحاب الوجوه أن من وصف الله بالاتصال والانفصال كان كافرًا، انظر كتاب “روضة الطالبين”.

وقال الشيخ محمود خطاب السبكي المصري رحمه الله في كتابه “إتحاف الكائنات”: وقد قال جمع من السلف والخلف إن من اعتقد أن الله في جهة فهو كافر. وقال المفسّر فخر الدين الرازي: إن اعتقاد أن الله جالس على العرش أو كائن في السماء فيه تشبيه الله بخلقه وهو كفر. وقال أبو نعيم بن حمّاد شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه كفر، وإجماع الأمة المحمدية على ذلك، انتهى كلام السبكي.

وقال الإمام تقي الدين الحصني الشافعي في كتابه “دفع شبه من شبَّه وتمرد” بعد أن نزّه اللهَ تعالى عن المكان والكيف قال: لأن الكيف من صفات الحدث، وكل ما كان من صفات الحدَث فالله منزّه عنه وإثباته له سبحانه كفرٌ محقّق عند جميع أهل السنّة والجماعة. انتهى.

وقالَ الحافظُ الفقيهُ اللغويُّ مرتضى الزبيديُّ في شرح احياء الغزالي: “مَن جَعَلَ الله تعالى مُقَدَّرًا بِمقدَارٍ كَفَرَ” أي لأنهُ جعلَهُ تعالى ذا كميةٍ وحجمٍ والحجمُ والكميةُ من موجبَاتِ الحُدوثِ، وهل عرفنا أن الشمس حادثةٌ مخلوقةٌ من جهةِ العقلِ إلا لأن لها حَجمًا وتتغير من حال الى حال.

أما الجلوس والاستقرار فهما صفة البشر والبهيمة وهما غير لائقين بالله الواحد القهار سبحانه لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر، سبحانه جلّ عن الشبيه والنظير، استواء لا عن اعوجاج ولا اعتدال ولا جلوس ولا مقدار ولا تكييف، وهو قول الإمام مالك بالإسناد الصحيح المتصل، ولكنه صفة كمال تفيد تمام الملك والغلبة لله الواحد القهار، قال الله تعالى: “وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ”، فمن قال إن الله محتاج إلى العرش لم يعرف الله تعالى، قال الله عز وجل: “فإن الله غني عن العالمين”، وهل فات هذا القائل أن الله خالق العرش؟؟ وهل يحتاج ربنا إلى عرش وهو الملك القدوس قبل خلق العرش؟؟، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى