قولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿وَقَالَ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمنَا مَنْطِقَ الطَّيرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىءٍ إِنَّ هَذَا ‏لَهُوَ الفَضلُ الـمُبِينُ

Arabic Text By Feb 09, 2017


مِمَّا أُوتِيَه نبيّ الله سُلَيمَان عَلَيهِ السَّلام.‏

يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿وَقَالَ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمنَا مَنْطِقَ الطَّيرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىءٍ إِنَّ هَذَا ‏لَهُوَ الفَضلُ الـمُبِينُ {16} وَحُشِرَ لِسُلَيمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيرِ فَهُم يُوزَعُونَ ‏‏{17}﴾ (من سورة النمل).‏

‏ إِنَّ اللهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يُخبِرُنَا عَن سَيِّدِنَا سُلَيمَانَ عَلَيهِ السَّلام أَنَّهُ قَال ﴿وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىءٍ﴾ ‏الـمُرَادُ بِهِ كَثرَةُ مَا أُوتِيه عليه السلام، كما جاء في حديث “وكلّ بدعة ضلالة” وليس المراد ‏العموم الشامل بدليل قول عمر رضي الله عنه: “نعمت البدعةُ هذه” رواه مالك. فالبدعة منها ‏حسنةٌ وهي ما وافق الشرعَ، ومنها سيئةٌ وهي ما خالف الشريعةَ، هكذا قال الشافعي، رواه ابن ‏حجر وغيره. ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَضلُ الـمُبِينُ﴾ قَولُ سليمان وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ الشُّكر كَقَولِ نبيّنا محمد ‏عَلَيهِ الصلاة والسَّلام “أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلا فَخر” رواه الطبراني، أَي أقُولُ هَذَا القَولَ شُكرًا وَلا ‏أَقُولُهُ فَخرًا. وَالنُّونُ فِي عُلِّمنَا وَأُوتِينَا ليست للجمع بل هي نُونُ الفرد الوَاحِدِ الـمُطَاع، وَكَانَ ‏سليمان نبيًّا ومَلِكًا مُطاعًا فَكَلَّمَ أَهلَ طَاعَتِهِ عَلَى الحَالِ التِي كَانَ عَلَيهَا، وَلَيسَ التَّكَبُّرُ مِن لَوَازِمِ ‏ذَلِك فالأنبياء متواضعون لا يحصل منهم تكبّر لأن التكبّر من العباد صفة مذمومة، وهو صفة ‏مدح لله تعالى والمتكبّر من أسماء الله معناه المتعالي عن صفات المخلوقات. ﴿وَحُشِرَ﴾ أي ‏وَجُمِعَ ﴿لِسُلَيمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيرِ﴾ وَيُروَى أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الرِيحَ العَاصِفَ ‏تَحمِلُهُ، فَأَوْحَى اللهَ تَعَالَى إِلَيه وَهُوَ يَسِيرُ بَينَ السَّمَاءِ وَالأرض إِنِّي قَد زِدتُّ فِي مُلكِك أَن لا ‏يَتَكَلَّمَ اَحَدٌ بِشَيء إِلا أَلقَتهُ الرِّيحُ فِي سَمعِك. فَيُحكَى أَنَّهُ مَرَّ بِحَرَّاث فَقَال الحراث لَقَد أُوتِيَ آلُ ‏دَاوُدَ مُلكًا عَظِيمًا فَأَلقَتهُ الرِّيحُ فِي أُذُنِ سليمان فَنَزَلَ وَمَشَى إِلَى الحَرَّاثِ وَقَال له “تَسبِيحَةٌ ‏وَاحِدَةٌ يَقبَلُهَا اللهُ تَعَالَى خَيرٌ مِمَّا أُوتِيَ آلُ دَاوُد (أي من أمر الدنيا)” ﴿فَهُم يُوزَعُونَ﴾ يُحْبَسُ ‏أَوَّلُهُم عَلَى آخِرِهِم لِيَكُونُوا مُجتَمِعِين وَذَلِكَ لِلكَثرَةِ العَظِيمَة. والوزع المنع. وقال في لسان ‏العرب: والوازع في الحرب الموكّل بالصفوف يزع من تقدم منهم بغير أمره. ويقال‎ :‎وزعت ‏الجيش إذا حبست أولهم على آخرهم.‏