إنَّ الله تباركَ وتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِه الكريم: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَد ظَلَمَ نَفْسَهُ} [سورة الطَّلاَق، الآية 1]

Arabic Text By Feb 01, 2017


إنَّ الله تباركَ وتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِه الكريم: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَد ظَلَمَ نَفْسَهُ} [سورة الطَّلاَق، الآية 1] وَرُوِّينَا في جَامِعِ التّرمذيِّ أنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ: “إِنَّ الله فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبحَثُوا عَنْهَا”.

أمُورُ الدينِ مَبْنِيَّةٌ على شَيئينِ أحدُهُمَا أداءُ الفرائضِ والآخَرُ اجتنابُ المحرماتِ، فمن أَهْمَلَ هذا وقَلَبَ الدِّينَ بالعكسِ فقد ضَلَّ وأهلكَ نَفْسَهُ. فليكن اعتناءُ المسلم بهذين الأمرين أكثَرَ وأقوى من اهتِمامِهِ بغيرِهما. لا يجعل المسلمُ النوافِلَ أي السنن غير الواجبة، بمنزلةِ الفرائض،ِ ولا يَجْعَل المحرَّماتِ بمنزلةِ المكروهاتِ (المكروه شيء غير مستحسن شرعاً إلا أنه ليس حراماً)، فإنّ أُنَاسًا لا يهتمّون ولا يبالون إن فاتتهم فرائض أو ارتكبوا محرَّماتٍ، إنما هَمُّهُمْ أن يتعلَّقوا بأشياءَ ليست من قبيلِ الفرائضِ ولا من قبيلِ اجتنابِ المنهياتِ المحرّمات، فهؤلاءِ يقضون أعمارَهُمْ وهم في الغُرور، يقضون أعمَارهم وهم تائهون. والسَّبيلُ إلى ذلك أي إلى التّمسُكِ بالأمرينِ اللَّذَيْنِ هما أَهَمُّ أمورِ الدينِ أداءِ الفرائضِ واجتنابِ المحرّماتِ، هو تلقّي العلمِ الشرعيِّ من أهلِ المعرفةِ ولو مشافهةً بالمجالسةِ من غيرِ قراءةٍ ودراسةٍ في كتابٍ نَظَرًا.

ليس الشّرطُ قراءةَ كتابٍ من كتبِ العلمِ الشرعي يُبَيّنُ ما فَرَضَ اللهُ وما حَرَّمَ الله، إنّما الأصلُ الذي لا يُسْتَغْنَى عنه وعليهِ الْمُعَوَّلُ والاعتمادُ تَلَقّي هذا الْعِلْمَ مِنْ أهلِ المعرفةِ إن كانَ نَظَرًا في كتابٍ وإن كانَ بدون نَظَرٍ في كتابٍ. فقد وصفَ الله تبارك وتعالى أصحابَ نَبِيِّهِ بأنّهم أمّيون، قالَ الله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيّيْنَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوْا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيْهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [سورة الجمعة، ءاية 2]  قالَ: “ويُعَلِّمُهُمُ الكتابَ والحكمةَ” معَ وصفهِ لهم بأنهم أمّيّونَ أي لا يقرأونَ نَظَراً، قالَ: “ويُعَلِّمُهُمُ الكتابَ والحِكمةَ”، ووصفَ نَبِيَّهُ بأنّه أمِّيٌ أي لا يَعرِفُ الْخطَّ وقراءةَ ما خُطَّ ومَعَ ذلك كان الصَّدرُ الأَوَّلُ وهم أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن بين أمّةِ محمدٍ خَيْرَ القُرونِ أي أنَّهم أفضلُ ممّن يأتي بعدَهم إلى يومِ القيامة، أي من حيث الإجمال، وليس معنى ذلك أن كل فرد من الصحابة أفضل من سائر من أتى بعد الصحابة رضي الله عنهم. الصحبة منقبة عظيمة ولكن الأتقى هو الأفضل عند الله وإن لم يكن من الصحابة، التقوى هي الأساس. قال الله تعالى: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم