اعلم أن الوهابية المشبهة المجسمة يعتقدون في الله تعالى الجسمية والجهة والمكان

Arabic Text By Jun 27, 2016

هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

من هم السلف الصالح(3(

اعلم أن الوهابية المشبهة المجسمة يعتقدون في الله تعالى الجسمية والجهة والمكان وتمسكوا بزعمهم بقول الله تعالى :{ الرحمن على العرش استوى} وكلمة استوى قال فيها الحافظ أبو بكر بن العربي إن لها خمسة عشر معنى . ومعلومٌ  أن هذه المعاني بعضها يليق بالله وبعضها لا يليق بالله فاستوى بمعنى جلس أو استقر أو مال بعد الاعوجاجِ أو نضج أو تم هذه المعاني تليق بالمخلوق ولا تليق بالخالق أما استوى بمعنى قهر وحفظ وأبقى فهذه المعاني تليق بالله فالله تعالى سمى نفسه القهار والقاهر وقد ثبت عن الإمام مالك ما أورده القرطبي في تفسيره ورواه الحافظ البيهقي بإسنادٍ صحيح  أنه قال: الاستواء غير مجهول وفي رواية معلوم قال والكيف غير معقول . ولو فهمت الوهابية واعتقدت التنزيه لعرفوا أن معنى والكيف غير معقول أنه نفي لكل صفات الخلق عن الله من الجلوس والاستقرار والكون في جهة أو مكان والحركة والسكون .

قال الإمام النسفي في تفسيره عند تفسير قوله تعالى :{ وأُخر متشابهات} وءايات أُخر متشابهات  ( مشتبهات محتملات) مثال ذلك : {الرحمن على العرش استوى } فالاستواء يكون بمعنى الجلوس وبمعنى القدرة والاستيلاء ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم وهو قبله : {ليس كمثله شئ} ثم قال بعد كلام و إنما لم يكن كل القرءان محكماً لما في المتشابه من الابتلاء به والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه , ولما في تقادح العلماء وإتعابهم القرائح في استخراج معانيه ورده إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات ثم قال في قوله تعالى :{فأما الذين في قلوبهم زيغ } ميل عن الحق وهم أهل البدع (فيتبعون ما تشابه) فيتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه المبتدع  مما لا يطابق المحكم ويحتملُ ما يطابقه من قول أهل الحق( منه ابتغاء الفتنة) طلب أن يفتتن الناس عن دينهم ويضلوهم (وابتغاء تأويله) وطلب أن يأولوه الذي يشتهونه ( وما يعلم تأويله إلا الله ) أي لا يهتدي إلى تأويله الحق والذي يجب أن يحمل عليه إلا الله ( والراسخون في العلم) والذين ثبتوا أي رسخوا فيه وتمكنوا ثم قال بعد كلام: ومنهم من لا يقف عليه ويقول بأن الراسخين في العلم يعلمون المتشابه ويقولون كلام مستأنف موضح لحال الراسخين بمعنى هؤلاء العالمون بالتأويل يقولون ءامنا به أي بالمتشابه أو بالكتاب.

أما حديث الجارية الذي دأب الوهابية المشبهة على إيراده لحمل ضعاف الفهم على اعتقاد الجهة في حق الله فقد قال العلماء: إن معنى سؤال الرسول أين الله ماذا تعتقدين في حق الله وقولها في السماء معناه اعتقد ان الله أعلى من كل شئ قدرا وقال بعض العلماء إن هذا الحديث مضطرب فقد ورد بعدة ألفاظ فرواه مالك بلفظ أتشهدين أن لا إله إلا الله وظاهر حديث مسلم هذا مخالف للأصول وهو أن الكافر لا يحكم عليه بالإسلام لمجرد قوله الله في السماء بل كلمة الله في السماء تقولها اليهود والنصارى وظاهر حديث مسلم يخالف الحديث المتواتر المتفق على صحته الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما وهو حديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . وأهل السنة والجماعة ليسوا الوهابية المشبهة المجسمة نفاة التوسل الذين يكفرون المسلمين بلا ذنب ويعتقدون في الله ما لا يجوز ويزعمون أنهم سلفية وليس أهل السنة معطلة فأهل السنة لا ينفون صفة من صفات الله الواجبة له إجماعا . أما ابن القيم فهو تلميذ ابن تيمية وإذا فسد الأصل فسد الفرع وهو معتقد ما يعتقده شيخه ابن تيمية وقائل به من التجسيم والقول بفناء جهنم وتكفير المتوسلين والمتبركين بالأولياء والأنبياء فلا عبرة بكلامه وبكلام شيخه ومن  على شاكلتهما .

أما العقل فهو شاهد الشرع فإن العقل قائل بأن الخالق موجود بلا بداية وأنه كان موجودا قبل المكان والجهة والعرش والسماء وسائر الخلق كان موجودا بلا جهة ولا مكان وقائل بأن الله لا يتغير لأن التغير أقوى علامات الحدوث والحدوث لا يجوز على الله .وافهموا يا وهابية يامن تشبهون الله بخلقه وتصفونه بالجهة والمكان وجعلتم وصف الله بأنه في جهة فوق تشريف له فاعلموا أن قولكم هذا باطل فإن الشرف ليس بالجهة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض في المدينة المنورة وهو أشرف الخلق وأفضل الخلق فالملائكة الحافون حول العرش في أعلى مكان والرسول أفضل منهم بكثير . ثم اعلموا وافهموا أن إحداث الله للعرش والجهات الست لم يغير في صفة الله شيئا لأن المتغير حادث . واعلموا وافهموا أن قولكم إن الله متشرف بجهة فوق تكونون جعلتم بذلك الله تعالى متشرفا بشئ من خلقه تعالى الله عن ذلك . فالحق الذي لا محيد عنه من القرءان والحديث وإجماع أهل السنة ويشهد له العقل الصحيح أن الله تعالى موجود بلا مكان ولا جهة وأن الله تعالى لا يتغير ولا يتشرف بشئ  من خلقه ولا تجوز عليه الحركة ولا السكون ولا غير ذلك من صفات الخلق، وكماله أبدي أزلي.