0 Comments 5:48 pm

قال الفقيه المحدّث الشيخ عبدالله بن محمد الهرري الشافعي الأشعري رحمه الله ورحمنا به، آمين: ‏

العصاة على مراتِبَ، بعضُ العُصاةِ اللهُ تَعالى شاءَ لهم أن لا يُصيْبَهُم عَذابٌ لا في القَبر ولا في الآخِرَة. هؤلاءِ ‏الله تَعالى شاءَ لهمُ السّلامَةَ فلا يُعَذَّبُون بمعاصِيْهم. ثمّ هؤلاء العصَاة أيضًا قِسمٌ مِنهم اللهُ تَعالى يُكرمُهم بنَوعٍ ‏مِن أنواع الشّهَادة. ‏

الشّهادَةُ أنواع، اللهُ تبارك وتَعالى رَحِمَ أُمّةَ سيدنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بأنواعٍ مِنَ الشّهادةِ غَيرِ القَتْلِ في سَبِيلِ الله، غَيرِ ‏القَتلِ في المعركة، أعطاهُم أنواعًا مِنَ الشّهادَات. مَن قُتِلَ ظُلمًا ولو بالسُّم فهو شَهيد ليسَ عليه عَذاب لا في ‏القَبرِ ولا في الآخِرة مهما كانت حالَتُه، لو كانَ منَ الفَاسقِينَ الكبار. ‏

كانت امرأةٌ مِنَ الصّحَابيّات في زمن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم يُقال لها أمُّ ورَقة، هذه كانَ الرَّسولُ يزُورُها ويقولُ لبَعضِ مَن ‏مَعه قُومُوا بنا نَزُورُ الشّهيدةَ، يَذهَبُ إليها، ثم بَعدَ وَفاةِ الرَّسولِ في زمَن سيّدِنا عمر هذه المرأة كانَ لها عَبدَان ‏رَقيقَان مملوكان، هذان قتَلاها، غَمّاها بثَوب حتّى اختَنقَت ثمّ هرَبا ثم سيّدُنا عمر أرسلَ بالتّفتيشَ عنهما فوُجِدا ‏فقُتِلا قِصاصًا لأنهما اشتَركا في قَتلِ هذه المسلِمة. الرَّسولُ كانَ يقول قُومُوا بنا نَزُورُ الشّهيدةَ، اللهُ تَعالى أطْلَعَهُ ‏على أنها تَموتُ شَهيدة، وشَهادَتها كانت أنّها قُتِلَت ظُلمًا، هذَا واحِدٌ مِن كثيرٍ. ثم هناكَ أنواعٌ مِنَ الشّهادَة، الذي ‏يموتُ غَريبًا عن بلَدِه كأن سافَر مِن بلَدِه إلى أرضٍ بعِيدة ثم ماتَ فيها هذَا أيضًا شَهيدٌ ليسَ علَيه عَذابٌ لا في ‏القبر ولا في الآخِرة، “مَوتُ الغَريبِ شَهادَة” (حديث رواه الطبراني).‏

كذلكَ الذي يموتُ مُتَردّيًا مِن مَكانٍ عَالي إلى أسفَل هذَا أيضًا شَهيد. كذلك الذي يموتُ بالغَرقِ فهوَ شَهِيدٌ. كذلكَ ‏الذي يَموتُ مِنَ الحَريقِ فهوَ شَهيدٌ. كذلكَ المرأةُ تَموتُ في الطَّلْقِ أو بَعدَ وِلادَتِها بألم الوِلادَةِ هذه أيضًا شَهيدَة.‏