لدّين ليس بالتشهي ولا بالرأي ولا بالهوى ولكن بالاتباع

Arabic Text By Jul 27, 2013

لدّين ليس بالتشهي ولا بالرأي ولا بالهوى ولكن بالاتباع


الدّين ليس بالتشهي ولا بالرأي ولا بالهوى ولكن بالاتباع، يجوز إجماعاً أن يقال الله موجود وإن تكن كلمة موجود على وزن مفعول، أليس يقال “الله معبود” وكلمة معبود على وزن مفعول، ثم يجوز لغة إقامة ما هو على وزن مفعول مقام الفاعل، مثاله قوله عز وجل: {إنه كان وعده مأتيا} (مريم:61)، فـ مأتيا مفعول وهو بمعنى فاعل أي آتياً، ومن ذلك قوله تعالى: {حجابا مستورا} (الإسراء:45) والمراد حجاباً ساتراً، أما اسم الفاعل من أوجد يوجد فهو موجد بكسر الجيم ذكره ابن خالويه في مقدمة كتاب له أسماه “ليس في كلام العرب” قال في مقدمته: “الحمد لله موجد الخلق ومبدئه ومبقيه ما شاء ومفنيه”، وفرق بين الواجد والموجد، فالواجد من الوجد بضم الواو وهو الغنى وسيأتي، والموجد من الإيجاد وهو التكوين أي التخليق، فالله موجد الخلق بمعنى خالق الخلق ومكوّنهم، هو تعالى أخرجنا من العدم إلى الوجود، وهذا صفة من صفات الله الأزلية التي كلها لا ابتداء لها فلا يتوجه على الله مكان ولا زمان، فكما يقال الله عالم في الأزل وبعض معلوماته والمراد ما يعلم الله من خلقه محدث له بداية، كذلك يقال الله تعالى له صفة كمال في الأزل يقال لها صفة التخليق، والمخلوق محدث في الوقت الذي علم الله وأراد أن يكون فيه، سبحانه وحده لا شريك له لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء، لا يقاس الله تعالى بما عرفناه أو تصوّرناه لأنه جل جلاله ليس له شريك وليس له مثال، قال الله تعالى “ولله المثل الأعلى” (سورة النحل)، مع ملاحظة أنه لا يجوز أن يقال لا موجود إلا الله، بل يكفر إن فهم المعنى لما يقوله وهو أن الله هو هذا العالم والعياذ بالله، لأن العالم موجود ثابت الوجود ليس وهماً ولا خيالاً، ولكن العالم موجود بإيجاد الله له، كذلك لا يقال لا معبود إلا الله والعياذ بالله لأن المعنى معنى كفري لمن أطلقه، ولكن يقال لا معبود بحق إلا الله، فالشمس تعبد من دون حق، والقمر كذلك، أما المعبود بحق فهو الله وحده لا شريك له.

فيصح إذن أن يقال الله موجود، معناه الثابت الوجود الذي لا شك في وجوده وهو جائز بالإجماع كما قال الإمام الأصولي النحرير فخر الدين الرازي في تفسيره (سورة الفاتحة – ج1، ص118، وقد يختلف رقم الصحيفة باختلاف الطبعات)، وأجازه كذلك الفقيه اللغوي المحدث مرتضى الزبيدي في تاج العروس شرح كتاب القاموس في اللغة للفيروزآبادي رحمهم الله، وأما الواجد من أسماء الله الحسني فهو من الوجد بضم الواو والجدة بكسر الجيم مع الدال المفتوحة المخففة ومعناهما الغنى كما قال الحافظ أبو سليمان الخطابي رحمه الله، والله الواجد أي الله الغني الذي لا يجوز عليه الافتقار إلى شيء، فهو من صفات المدح بمعنى أن الله مستغن عن كلّ خلقه، فلا يحتاج الله إلى عرش ولا إلى كرسي ولا إلى زمان ولا إلى مكان لأنه تعالى خالق كل شيء وكان قبل كل شيء سبحانه لا يقاس بالمخلوق ولا بالأوهام، ولا يقال الله في كل مكان لأن هذا صفة تنقيص في حقه تعالى وليس صفة مدح، ولكن الله خلق المخلوقات ليستدلّ بها العقلاء على كمال قدرته، كما أنه تعالى لا ينتفع بكلّ الناس ولا يستفيد منهم شيئاً سواء في ذلك المؤمن والكافر، ولكن من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو من يستفيد وينتفع، أما من ضلّ وتكـبّر عن قبول الحق هو يضرّ نفسه، كذلك يضرّ نفسه من تقاعس عن الجهاد في سبيل الله تعالى، ومنه جهاد البيان في سبيل نصرة الحق مذهب أهل السنة والجماعة كما قال الله تعالى في سورة التوبة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”،

دعاكم لمن كتبها ونشرها أرجوكم