لا تَبَاغَضُوا ولا تَحَاسَدوا وَلا تَدَابروا وَكونوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا”، رواه مسلم

Arabic Text By Jul 26, 2013


لا تَبَاغَضُوا ولا تَحَاسَدوا وَلا تَدَابروا وَكونوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا”، رواه  مسلم

قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسلَّمَ: “لا تَبَاغَضُوا ولا تَحَاسَدوا وَلا تَدَابروا وَكونوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا”، رواه  مسلم
هذا الحديث فيه التحذير من بعض أدواء (جمع داء) القلوبِ ومنها التباغض والتحَاسَدُ والشحناء بين المسلمين، وكلها َضَرَرُها كبيرٌ، لأنَّ المسلمينَ إذا تَحَاسدوا وتَبَاغضوا تكثر الخلافات ويكثر الشقاق وتضعف الأمة ويَتَقَاعَسُونَ عَنِ الأمرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهيِ عنِ المُنكَرِ، وَهَذا خِلافُ ما أمر الله من التَّعَاوُنِ على البِرِّ وَالتَّقْوى.
فالحَسَدُ المحَرّمٌ هو تَمني زَوالِ النِّعْمَةِ عَنِ المُسْلِمِ دينية كانت أو دنيوية، ولكن الحرام يكون مَعَ السعي إلى زوالها بِالفِعْلِ بِالبَدَنِ أوْ بِالقَوْلِ بِاللِّسَانِ، هَذا هُو الحَسَدُ المُحَرَّمُ، أما ما لم يَحْصُلْ سعي لزوالها ولكن مجرّد أن يتحرك القلب، هذا ليس فيه مَعْصِيَةٌ.
أما التدابُرُ فهو أن يُوَاجِه الشخص أخاهُ المُسْلِمَ ثُمَّ يُوَلّيهِ ظَهَرَهُ للإشْعَارِ أنَّهُ يَكْرَهَهُ، أو يَصْرِفَ وَجْهَهُ إلى الجَانِبِ الآخَرِ بغية إظهار الكراهية، فهَذا فيهِ إيذَاءٌ لِلمُسْلِمِ ويَتَوَلَّدُ مِن ذلك التَّهَاجُرُ وتَرْكُ التَّعَاوُنِ لِمَا هو مَأمورٌ به من إزالَةِ مُنكَرٍ أوْ أدَاءِ فَرَائِضَ.
والأمْرُ الذي يُعينُ عَلى الخَلاصِ من هذهِ الأشْيَاءِ مُخَالفَةُ النَّفْسِ والهوى والشهوات، مُخَالَفَةُ النفْسِ تُعينُ على كثيرٍ مِن أعْمالِ البِرِّ التي تُقَرِّبُ إلى اللهِ، لأنَّ النَّفْسَ تُحِبُّ التَّكَاسُلَ عن الطَّاعَاتِ، فمن أرادَ أن يَتَرَقَّى في الكَمَالاتِ يُخَالِفُ نَفْسَهُ في تَحَمل الطاعات والقربات، مثل تَحَمُّلِ العَطَشِ الشَّديدِ في الصيام وأداء الصلوات وهو مريض والوضوء في البرد من غير أن يضرّ بدنه وَأمْثَال ذلكَ، فلأجل أن يُرضِيَ اللهَ لا بُدّ أنْ يَتَحَمَّلَ هذِهِ المَشَقَّاتِ.
ثُمَّ أيضاً بَعْضُ النَّاسِ يُسيئونَ إلى إنسانٍ من دون سبب إلا الحسد والحقد يسبّونه ويشتمونه ويتهمونه زورًا وعدوانًا وهو لا يكون آذاهم، فالذي يُخَالِفُ نَفْسَه ويترُكُ مقَابَلَتُهُم بِالمِثْلِ من الشتم، يترك مقابلَةَ الإهانَةِ بِالإهَانةِ وَالسَّبِّ بِالسَّبِّ، يكونُ مُتَرَقِّيَاً بِالدَّرَجَاتِ التي تُقَرِّبُ إلى اللهِ، وَهذا حَالُ الأوْلِيَاءِ والأنبِيَاءِ من قبلهم.اللهم ارزق كاتبها وناشرها العفوِ عنِد الإساءَةِ والرقي بالخيرات في الدين والدنيا اقتداء بعبادك الصالحين، آمين